كلمة البزري باحتفال الثامن من آذار

حول تنظيم الجماهير والكفاح المسلح

8 آذار 1968

 

 

في هذا العصر، عصر حق الشعوب في تقرير مصيرها، عصر حق الشعوب في البقاء على أرض وطنها من أن تجليها عنه ةتشردها جماعات تأتي من هنا وهناك، من أقاصي الأرض، بقيادة عرقيين متعصبين يخدمون احتكاريين طامعين في ثروات بني الانسان أينما وجدت هذه الثروات. نقول في هذا العصر ، عصر الثورات لدفن آخر أشكال قهر الانسان للانسان وأفظعها، لا يحق فقط للشعوب ضحية العدوان أن تهب للدفاع عن كيانها ووجودها، بل ان من واجبها تجاه نفسها، وتجاه الانسانية والتاريخ، أن تفعل ذلك، أن تصمد، أن لاتقبل الاستسلام، كي لاتستمر وتمتد نار العدوان أكثر مما امتدت واستمرت.

في هذا العصر، عصر التحرر والانعتاق، عندما تقوم دولة استعمارية كبرى، وهي أميركا، بالاحتجاج على الاتحاد السوفياتي لأنه يبيعنا الأسلحة التي ندافع بها عن أنفسنا، ويرسل الينا خبراءه ليشرحوا لنا الكيفية التي نستعملها بها هذه الأسلحة، متناسية أنها هي بنفسها أمدت اسرائيل دوما وتمدها بكل أسباب القوة، متناسية أيضا أنها هي بذاتها معتدية تقوم بذبح بني الانسان بالآلاف في الفيتنام بعد أن تدمر وتحرق مدنهم وقراهم، نقول في مثل هذا العصر لا يحق لنا أبدا أن نقع في حبائل المستعمرين فنستسلم لمشاريعهم ومخططاتهم، بل ان من واجبنا أن نحشد كل ما نستطيعه لنقاوم العدوان، وأن نستمر في المقاومة حتى نسترد كامل حقنا.

لقد رفض القطر العربي السوري الاستسلام في أعقاب عدوان الخامس من حزيران مباشرة. ونادى بالصمود وبحشد الطاقات، كل الطاقات العربية في كل أقطار الأمة العربية، وذلك لصد الخطر الكبير الذي لايهدد استقلالنا فحسب، بل يهدد وجودنا كأمة وجنس على الكرة الأرضية. فما يعلنه عدونا في كل مناسبة لا يترك مجالا لأي شك،ويكفي أن نذكر بأن دستوره لا ينص على حدود لدولته العدوانية، وذلك لأن الحدود، على حد قوله بذاته، ستحد من توسعه الذي يريده مستمرا على الدوام.وعلى حساب أرض وطننا. وقد حشد القطر العربي السوري كل طاقاته ووفى بكل التزاماته. فجيشنا على خط النار ، ونحن نضع في كل عام أكثر من ثلثي موازنتنا لأمور الدفاع. ونعمل على تنظيم قوى جماهير قطرنا باستمرار كي نحول بلدنا الى قلعة حصينة تتكسر عليها أنياب المستعمرين المعتدين. ولا نقصر أبدا في مد يد العون الى أشقائنا، كل أشكال العون. فبالأمس مثلا خضنا معركة العرقوب الى جانب شقيقنا لبنان ومع الفدائيين الأبطال. وقبله وقفنا أكثر من مرة، وبشكل عملي فعال، ضد مؤامرات الرجعيين الخونة الذين كانوا وما يزالون يحلمون بتصفية العمل الفدائي الفلسطيني. ونحن نساهم مساهمة فعالة بقوانا المسلحة على الجبهة الشرقية ضمن قطرنا وخارج قطرنا. ولا نقول أننا الوحيدون في بذل كل ما باستطاعتنا لحشد قوانا، بل هنالك من الأقطار العربية من يحمل العبء كما نحمله نحن، وفي طليعتها الشقيقة الكبرى الجمهورية العربية المتحدة. الا أنه، مع الأسف، هنالك طاقات عربية كبرى لم تحشد بعد، هنالك جيوش وأموال طائلة، وإمكانات اقتصادية ضخمة لم توضع بعد في الساحة لتعزيز المقاومة العربية. مع أن معركتنا هذه، هي معركة مصير، فما نضن به اليوم لنرد به العدو، قد يصبح غدا، لا سمح الله مع أرضنا وكل ما نملك غنيمة باردة لهذا العدو الغاشم.

ان لجان الدفاع عن الوطن، التي قامت في أعقاب الخامس من حزيران، هي التعبير عن إرادة جماهير قطرنا في الصمود للعدوان ورده. انها الأداة المثلى لالتقاء كافة الوطنيين المصممين على الوقوف في وجه العدوان، وعلى الاستمرار في الكفاح المسلح الى أن نحصل على كامل حقوقنا. انها الأداة المثلى لتنظيم الجماهير للعمل بيد والكفاح باليد الأخرى إعطاء كل مواطن دوره في المعركة. فالعدو ماكر لئيم، لا يتردد، كأسياده الأميركان، من ارتكاب أبشع الجرائم. وتاريخه حافل بها على قصره. فلجان الدفاع عن الوطن تساهم مساهمة فعالة في تعرية أكاذيب العدو وفضحه في الحرب النفسية التي يشنها علينا. وهي أيضا تساهم مساهمة فعالة في إدامة الحياة وتقويتها في جسم قطرنا ليستمر هذا القطر في إفراز كل قوة لازمة للصمود وكفاح الأعداء. انها التعبير عن ارادة جماهيرنا، في الجيش وفي ساحات الانتاج، ليكون الشعب جيشا، أوله في خط النار متجسدا بقوانا النظامية، وآخره في المعامل والحقول والمدارس والمعاهد والمؤسسات، متمثلا بكل الكادحين والمثقفين المنظمين الذين يمدون كتائبنا الصامدة بكل أسباب القوة، ويقفون في خط النار اذا لزم الأمر.

ولقد عبرت لجان الدفاع عن الوطن ، بأول كلمة لها عند قيامها في أعقاب الخامس من حزيران، عن إرادة جماهيرنا في عدم قبول قرار مجلس الأمن الذي يلوم الضحية بدلا من لوم المعتدي، الذي يلومنا نحن عندما ينادي بحدود آمنة لاسرائيل، وكأننا نحن من يهدد الحدود أو كأننا نحن الذين أتوا من أوربا وأميركا لطرد شعب فلسطين وتشريده بعد سلبه أرضه. وردت لجاننا على الانهزاميين ومثبطي العزائم وقالت لهم أن الخامس من حزيران ليس خاتمة المطاف، وما هو الا معركة من سلسلة طويلة دامية يخوضها شعبنا منذ أمد بعيد الى جانب كل المقهورين في الأرض، وسيخوضها أيضا، مع كل الانسانية التقدمية، مع التاريخ، كل الزمن اللازم لاقتلاع تلك النبتة السامة من جذورها، لاقتلاع الامبريالية الاحتكارية وإلقائها في مزابل التاريخ ملعونة مرذولة. وقلنا أن الحرب سجال الا أن العاقبة للنور والتقدم والحياة. وقد برهنت الحياة على صحة هذه الأقوال. فتنامت القوى العربية النظامية واستردت كامل ما خسرته في تلك المعركةالمشؤومة وتجاوزته، وتنامى اقتصاد أقطار المواجهة . واشتد ساعد الثورة الفلسطينية، وازدادت خسائر العدو في كل الميادين العسكرية، وتفاقمت عزلته في العالم فازداد زيادة كبيرة عدد من انتبه الى ارتباطه العضوي بالامبريالية الاحتكارية المصرفية والبترولية. ولن يمر طويل وقت حتى يدرك الناس كافة ، الناس الشرفاء في كل أنحاء الأرض، أن مئير ودايان وصحبهما من قادة الصهاينة هم بحق قادة شرازم "مختارة من قبل "أرباب" الاحتكار والقهر للقيام بأبشع الجرائم ضد الانسان.

انني باسم لجان الدفاع عن الوطن أرسل تحية حارة الى أبنائنا رجال الجيش السوري الأبطال، الصامدين في خط النار، والى كل مكافح وجندي عربي ، وخاصة أولئك الواقفين على القناة وفي الأغوار وعلى الحدود اللبنانية. والمجد والخلود لشهداء أمتنا.

 

 

بدأ الاستاذ عفيف البزري كلمته باسم لجان الدفاع عن الوطن قائلا:  في هذا اليوم حيث تحتفل سورية بذكرى الثامن من آذار ذكرى قطع علاقات القطر العربي السوري صلاته بشبكة الرأسمالية العالمية منطلقة لتحقيق اهداف امتنا في الوحدة والحرية والاشتراكية. وبدء انطلاقتنا لتحقيق دولتنا العربية الاشتراكية الكبرى، في هذا اليوم يتأكد لدينا كم هو صحيح الشعار الذي رفعناه في هذا القطر، شعار الكفاح المسلح.

واضاف الأستاذ البزري يقول منذ يومين كشف الصهاينة ومن ورائهم الاستعمار الامريكي عن مخططاتهم الجديدة، واعلنوا بصفاقة لا مثيل لها تهويد الضفة الغربية.

وبعد ان بين أخطار الاستعمار ولاسيما الاستعمار الامريكي واسرائيل على البلدان العربية قال ليس امام جماهيرنا العربية الا ان ترص صفوفها في قطرنا العربي السوري وفي سائر الأقطار العربية التقدمية الاخرى وان تضع شعار الكفاح المسلح موضع التنفيذ.

واضاف يقول وانطلاقا من هذا الواقع قرر حزب البعث العربي الاشتراكي في مؤتمره التاسع وضع شعارالكفاح المسلح موضع التنفيذ وفسح المجال لاعطاء كل مواطن دوره في المعركة عن طريق لجان الدفاع عن الوطن، وقامت لجان الدفاع عن الوطن في كل مكان من القطر العربي السوري وانضم اليها مواطنون من مختلف الفئات الاجتماعية وتقوم هذه اللجان بتنظيم المجتمع واعداده لمعركة المصير .

وقال ان العمل في الحقل والمعمل والمعهد هو وجه من اوجه الكفاح    المسلح، الا ان الكفاح  بكل اوجهه لايكون الا على اساس وجود الجماهير في تنظيم شامل حتى تصبح كل مدينة وقرية وشارع وحي ومعمل وبيت حصنا يصد هجوم العدو ويقهره ويلاحقه ويدحره .

الا ان الكفاح بكل اوجهه لايكون الا في تنظيم يشد فيه كل مواطن أزر اخيه المواطن، حتى تخرج جماهيرنا المقاتلة في الجيش والشعب، عندما تأزف الساعة، وفي صفوف فولاذية لملاقاة المعتدي ودحره وتدميره .

واضاف ان لجان الدفاع عن الوطن هي تحقيق شعار الشعب جيش. وقال انه من الطبيعي ان يكون هم لجان الدفاع عن الوطن الانسان العربي في القطر العربي السوري وسائر الأقطار العربية حتى لاتؤثر فيه دعايات العدو المسمومة، وان اول اسباب القوة ان تكون جماهيرنا يدا واحدة لصد العدو وتدميره .

وقال ان العديد من المواطنين يسألون تنفيذ الكثير من الامور وهذا يؤكد اهتمام الجماهير باعداد الوطن وتنظيمه .

وقال ان لجان الدفاع عن الوطن قد انجزت الكثير من الانجازات ومازال امامها الكثير لتنجزه وقال الاستاذ البزري اني اريد ان أؤكد لكم امرا هو ان حجم ماتنجزه لجان الدفاع عن الوطن يتناسب طردا مع القوة التي يؤازرنا بها المواطنون .

وقال أن لاحول ولاقوة لنا الا بكم ياجماهير شعبنا فأنتم وحدكم الذين باستطاعتكم تحويل كل فكرة جيدة ومخطط جيد الى قوة مادية هائلة ، وبدونكم لافائدة لاي رأي مهما كانت عبقرية هذا الرأي .

وقال انه لايعوزنا الرجال ففي الأرض المحتلة يقاوم اخوتنا العرب الصهاينة البرابرة الذين تعلموا نازيتهم الجديدة من اسيادهم الامريكان، وفي اليمن يبيد شعبنا المرتزقة الذين تلتقطهم السعودية من جميع اوكار الاستعمار في الولايات المتحدة واوروبا. وفي الأمس انتزع شعبنا في عدن استقلاله من براثن الاستعمار البريطاني وقبله تحررت الجزائر البطلة. فنحن لانفتقر الى الرجال، نحن بحاجة الى بناء و تنظيم في هذا القطر وفي الاقطار العربية المتحررة .

وقال اننا سنبني هذه القوة العربية الهائلة لتجرف الاستعمار الحديث الذي تقف على رأسه الولايات المتحدة الامريكية، بدءا بقاعدته اسرائيل والرجعية العربية .