إسرائيل والمياه العربية

عفيف البزري

1984

 

تاريخ الأطماع الصهيونية في المياه العربية

 

  يقول بن غوريون:"... إن اليهود يخوضون اليوم مع العرب معركة المياه، وعلى مصير هذه المعركة يتوقّف مصير إسرائيل. وإذا لم ننجح في هذه المعركة فإننا لن نكون في فلسطين.."[1]*.

 

  ولننظر فيما يلي إلى تصريح المنظمة الصهيونية بصدد فلسطين "المقدم إلى مؤتمر الصلح بتاريخ 3 شباط 1919. وهو يتضمن المنطلقات التي تتفق عليها مختلف التيارات في الحركة الصهيونية، لتقوم هذه الحركة فيما بعد في التوسع في الوطن العربي بمختلف الوسائل. ونجد فيه بكل وضوح لا يحتمل أي جدل الأطماع الصهيونية بالمياه العربية، وذلك بتعابير وحجج لا مثيل لوقاحتها. فالصهاينة في مطالبهم لا يغفلون فقط حق الشعب الفلسطيني بأرض وطنه، وإنما يغفلون أيضا حاجة بقية العرب حول فلسطين إلى الماء الذي جعل الله منه كل شيء حي. فهم لا يودون أن يروا في الماء إلا هدفا لهم يساعدهم على البقاء لخدمة أغراض الاستعمار كمرتزقة. وبقي أن نقول أن منشئ هذا التصريح هو هربرت صموئيل اليهودي الإنكليزي الصهيوني، الذي كان أول مفوض سام لبريطانيا في فلسطين يؤسس للبناء الصهيوني في هذا القطر العربي. الذي تحول فيما بعد إلى إسرائيل بمساعي نظام القهر العالمي. وكان بعمله هذا يقوم بوظيفة الحكم الموفق بين مختلف التيارات الصهيونية الآنفة الذكر، بتكليف من حكومته البريطانية. وقد تبنته المنظمة الصهيونية العالمية التي تضم ممثلي تلك التيارات. يقول التصريح*[2]:"إن حدود فلسطين يجب أن تسير وفقا للخطوط العامة المذكورة أدناه: تبدأ في الشمال عند نقطة على شاطئ البحر الأبيض المتوسط بجوار مدينة صيدا وتتبع مفارق المياه عند تلال سلسلة جبال لبنان حتى تصل إلى جسر الفرعون، فتتجه منه إلى البيرة، متبعة الخط الفاصل بين حوضي ووادي القرن ووادي التيم، ثم تسير في خط جنوبي متتبعة الخط الفارق بين المنحدرات الشرقية والغربية لجبل الشيخ (الحرمون) حتى تقترب من الخط الحجازي على الغرب منه.

 

"وفي الشرق يحدها خط يسير بمحاذاة الخط الحديدي الحجازي وإلى الغرب منه حتى ينتهي في خليج العقبة".

"وفي الجنوب حدود يجري الاتفاق عليها مع الحكومة المصرية".

"وفي الغرب البحر الأبيض المتوسط".

"أما تفاصيل تخطيط الحدود، أو أي تعديلات تفصيلية لها تستدعيها الضرورة، فسوف تسوى بواسطة لجنة خاصة يتمثل اليهود فيها... إن الحدود المرسومة أعلاه هي ما نعتبره جوهريا للأساس الاقتصادي الضروري للبلاد. وفلسطين يجب أن يكون لها منافذها الطبيعية للبحار والسيطرة على أنهارها وعلى منابع تلك الأنهار. ولقد جرى رسم معالم الحدود على أساس اعتبار الحاجات الاقتصادية العامة والتقاليد التاريخية للبلاد. وهي اعتبارات يتحتم على اللجنة الخاصة أن تراعيها حين تقوم بتعيين الحدود ورسم خطوطها المضبوطة. كما يجب على هذه اللجنة أن تتذكر بأن من المرغوب فيه جدا لمصلحة الإدارة الاقتصادية، جعل المساحة الجغرافية لفلسطين أكبر ما يمكن، بحيث نستطيع فيما بعد استيعاب عدد كبير من السكان ينعمون بالرخاء، ولكي يصبح بمقدورها أن تتحمل أعباء الحكومة العصرية المتمدنة، أكثر مما يتحمله بلد صغير محدود السكان بالضرورة. وتعتمد الحياة الاقتصادية لفلسطين، كشأن أي بلد نصف جاف آخر، على كميات المياه المتوفرة، لذلك يصبح من الأهمية الجوهرية بمكان، ليس فقط تأمين جميع موارد المياه التي تغذي البلاد حتى الآن، بل القدرة للمحافظة والسيطرة عليها عند منابعها. إن جبل الشيخ (الحرمون) هو "أب المياه" الحقيقي لفلسطين، ولا يمكن فصله عنها دون توجيه ضربة قاصمة إلى جذور حياتها الاقتصادية بالذات. وهو لا يحتاج فقط إلى إعادة تحريج وتشجير، بل أيضا إلى أعمال أخرى قبل أن يصبح مؤهلا ليكون خزان مياه البلاد.  لذلك يجب أن يخضع كليا لسيطرة أولئك الذين تحدوهم الرغبة الشديدة ويملكون القدرة الكافية لاستغلال إمكاناته حتى أقصى الحدود.  كما يجب التوصل إلى اتفاق دولي تحمي بموجبه حقوق المياه للشعب القاطن جنوبي نهر الليطاني (أي اليهود في فلسطين الكبرى) حماية تامة.  إذ أن منابع المياه هذه، فيما لو حظيت بالعناية اللازمة، تستطيع تنمية لبنان مثلما تخدم تنمية فلسطين. إن السهول الخصبة الواقعة إلى الشرق من نهر الأردن كانت، منذ أقدم أيام التوراة، مرتبطة اقتصاديا وسياسيا بالأرض الواقعة غربي نهر الأردن، وهذه البلاد، الضئيلة السكان حاليا، سبق لها إعالة أعداد ضخمة من السكان أيام الرومان. ويمكنها أن تصبح اليوم بصورة مدهشة حقلا للاستعمار التوطيني على نطاق واسع. ثم إن المراعاة العادلة للحاجات الاقتصادية لدى كل من فلسطين وشبه الجزيرة العربية تتطلب إعطاء حكومات الطرفين الحق في حرية الوصول إلى سكة حديد الحجاز على طول امتدادها: إن التنمية الكثيفة للزراعة وغيرها من الفرص والمرافق الموفورة في شرقي الأردن تحتم أن يكون لفلسطين منفذ على البحر الأحمر وفرصة لإنشاء موانئ جيدة على خليج العقبة.  فالمرافئ التي يجري تطويرها في هذا الخليج يجب أن تكون مرافئ حرة تمر بها تجارة البلاد الداخلية على أساس المبدأ نفسه الذي اهتدينا به في اقتراحنا إعطاء حق حرية الوصول إلى سكة حديد الحجاز". انتهى تصريح المنظمة الصهيونية.

 

  ولم تستجب جميع المطالب الصهيونية الواردة في التصريح أعلاه، بسبب تنافس الاستعمارين: الإنكليزي والفرنسي، على التوسع في أراضي المشرق العربي. فبقيت الينابيع الأساسية للمياه العربية في الأراضي التي كسبها الفرنسيون: الحرمون (جبل الشيخ)،الذي سماه الصهاينة عندما وقعت فلسطين ببراثنهم باحتلال الإنكليز لها عملوا بكل ما توفر لديهم من وسائل "ناجعة" على منع كل استثمار كثيف منظم للمياه العربية قبل أن تتاح لهم الفرص لاغتصابها كلها. وكانوا في هذا يقصدون أهدافا إستراتيجية ضخمة:

 

ـ إن التقدم الاقتصادي العربي في البلاد الشامية حول فلسطين، الذي يمكن أن ينشأ عن زراعة حديثة تستند إلى ري منتظم، وتقوم قبل تمكنهم من القطر العربي المذكور، هذا التقدم يؤدي إلى تصاعد القوة العربية بازدياد تكاثف السكان (لا سيما حول مشاريع الري الكبرى) وارتفاع سويتهم المادية، أي إلى تصاعد إمكاناتهم في مقاومة الغزو المبيت.

ـ أما في فلسطين، فتقدم الزراعة فيها، بمشاريع ري كبرى، يمنع تسرب أراضيها إليهم، بازدياد القوة المادية للعرب أصحابها، وتعاظم كثافتهم. وتصاعد مقاومتهم.

 

  لكل هذه الأسباب وجدنا الصهاينة يسرعون منذ شهر أيلول عام 1921 إلى وضع يدهم على "البوابة" التي تنفذ منها المياه الغزيرة إلى السهول الخصبة في فلسطين، والسهول الخصبة في الأردن التي وصفها تصريحهم أعلاه بأنها "كانت تعيل أعدادا ضخمة من السكان أيام الروم" فاستصدروا قانونا يمنحهم امتياز روتنبرغ لإقامة مشروع لتوليد الكهرباء في الظاهر في المجامع، عند تجمع مياه الأردن باليرموك، وفي الواقع لمنع كل مشروع زراعي عربي على الضفتين يمكن أن يستفيد من مياه الأردن للري.  وكانت حجتهم ضرورة بقاء منسوب كاف لإدارة العنفات الكهربائية للمشروع المذكور.  وكان قصدهم تجميد الأمور إلى أن تحين فرصتهم باغتصاب فلسطين ومياهها، ومياه ما حولها.  تقول الآنسة أ.م.غواشون في كتابها الصادر تحت عنوان "الماء قضية حيوية لمنطقة الأردن"*[3]: "ويبدو أن بريطانيا لم تعر مسألة الري أي اهتمام، رغم أن محادثات الصلح أظهرت ضرورتها كما ذكرنا، ومن المؤسف أنها لم تفكر إلا في الكهرباء.  فقد منحت سلطة الانتداب عام 1926. ولمدة سبعين عاما، امتياز الاستخدام الكامل لمياه اليرموك والأردن إلى "شركة كهرباء فلسطين" المسماة أيضا امتياز روتنبرج، باسم مديرها الصهيوني.  وتم ذلك باستهتار مدهش، ودون مراعاة لأوضاع البلاد، أو للسكان، أو لكمية المياه، وبعد أن رفضت إعطاءه لعربي من بيت لحم.  وبدون ريب لم يكن المهم سوى الحصول على قوة كهربائية كان من الممكن نظريا الاستفادة منها في الزراعة، غير أن شركة كهرباء فلسطين ظلت المتحكمة الوحيدة بكمية المياه التي ترغب في تخزينها أو تصريفها.  وقد امتد الامتياز إلى شرقي الأردن في عام 1928 عندما كان هذا القطر ما يزال تحت الانتداب... وكانت شركة كهرباء فلسطين تجيب دوما، كلما طلب منها ماء (للري) بأنها هي في حاجة للماء.  فسلطة الانتداب لم تبد أية رغبة بري غربي نهر الأردن أو شرقيه.  وكانت تقول أن شركة روتنبرغ ربما احتاجت يوما لكامل المياه.  وكان الامتياز الممنوح لها يشمل كل المياه الجارية من جميع أنحاء حوض الأردن، شرقا وشمالا وغربا، لدرجة أنها لم تفكر بتعويض السكان المجاورين للنهر، وإذا روى أحد الملاكين أرضا جديدة بعد تاريخ منح الامتياز، فليس له الحق بأي تعويض فيما إذا قطعت عنه الشركة الماء.  ففي الوقت الذي لم يكن هنالك أية صعوبة سياسية لتحقيق مشاريع الري، كان هذا الأمر مستحيلا بسبب الامتياز الممنوح لروتنبرج.  وعلى الرغم من الحظر المفروض على الهجرة الصهيونية إلى شرقي الأردن، فإن الصهاينة كانوا يشرفون بروتنبرج ويتحكمون في تطوير البلاد.  ولم تكن الشركة المذكورة تتحكم فقط بأفضلية استخدام المياه، وإنما استقرت أيضا في نهاريم عند التقاء نهر اليرموك بالأردن، وبنت قسما من منشآتها على الضفة الأردنية، واستخدمت بحيرة طبريا كخزّان خاص لها منذ آذار عام 1932"*.[4] انتهى قول الآنسة غواشون.

 

  وما كان من باب الصدفة أن يصدر قانون مصلحة الليطاني عام 1954 لاستثمار وادي هذا النهر، فتتأخر الدراسات اللازمة فلا تبدأ إلا بعد اثني عشر عاما من ذلك التاريخ، فلا تبدأ إلا في الفترة ما بين عامي 1965و 1966. وليس هذا فحسب، فحتى يومنا هذا ( عند تأليف الكتاب) أي بعد ثلث قرن من الإقرار الرسمي بالاستثمار المذكور, نجد أن ما ُنفّذ هو فقط الشق الكهرومائي من المشروع، مع قناة ري صغيرة تروي ألف هكتار من أصل ثلاثين ألف هكتار في مخطط الاستثمار المذكور للجنوب اللبناني، مع عشرة آلاف ونيف لجنوب البقاع.  وقد دمر العدو الإسرائيلي مع ذلك هذه القناة الصغيرة، التي كان اسمها قناة القاسمية، بغاراته الجوية*[5].  نقول ما كانت هذه الأمور "العجيبة" في الظاهر من باب الصدفة، وإنما كان العدو وراءها عن طريق أقنيته ومؤثراته المختلفة: عن طريق الخونة والعملاء المتسكعين على أبواب السفارة الأميركية في بيروت، والرجعية التي تعطي آذانها لهمسات المستعمرين، والانتهازيين، والجهلة، والمرتشين الخ. فيقول مثلا أحد مهندسي المشروع لمندوب مجلة "الشراع" الآنفة الذكر ردا على سؤاله ما يلي:" إن ما يمنع تنفيذ المشروع يعود إلى أسباب سياسية... والسبب الرئيسي أن السلطة تعتبر إسرائيل حاجزا في وجه المشروع.  وقد ذكر لنا الوزير السابق كمال خوري (وهو رئيس مجلس إدارة مصلحة الليطاني) أنه حصلت عام 1973 مناقشة صحفية مع غولدا مائير رئيسة وزراء إسرائيل آنذاك، والتي كانت تعلن عن حاجة إسرائيل إلى المياه اللبنانية التي تذهب هدرا إلى البحر..."

 

  ونجد هنا في مشروع الليطاني أن الأمر توقف عند توليد الطاقة الكهربائية وأن البيروقراطيين القائمين على هذا المشروع يمنعون الناس من الاستفادة من مياه بلدهم، حتى في الحالات التي تكون فيها الفائدة جماعية تشمل منطقة أو قرية أو ما شابه.  وقد أورد مقال مجلة "الشراع" الآنف الذكر أمثلة على هذا الأمر.  تماما كما كان يحدث أيام قيام مشروع روتنبرغ المار ذكره أعلاه، الذي اقتصر أيضا على توليد الكهرباء، وبحجتها كان القائمون عليه يمنعون الناس من أبناء قومنا من الاستفادة من مياه نهر الأردن، بانتظار الوقت الذي تمكنوا فيه من اغتصاب فلسطين ومياهها وينابيع هذه المياه مع أراضيها التي تنبع فيها.  فنقول إذن أن الخطر على الليطاني هو خطر جدي، وأن محاولات العدو لتحقيق أغراضه هنا ليست وشيكة، وإنما هي قائمة في الواقع باحتلاله للشريط الحدودي هناك*[6]. وبسعيه للتقدم في أرضنا أكثر فأكثر، وبعمله الدائب بمختلف الوسائل لمنع وتخريب كل مشروع يمس المياه التي يطمع فيها.

 

  إن العرب ما كانوا أبدا يهدرون مياههم.  ففي الوقت الذي كان فيه أجداد الصهاينة الخزر، مع أجداد من يقف وراءهم اليوم ويجندهم في مشاريع عدوانه، يهيمون على وجوههم في الصحارى الجليدية المقفرة، كان أهل الإهليلج الخصيب، في اليمن، وعُمان، والشام، وما بين النهرين، وأهل وادي النيل، يقيمون السدود العظيمة، ويحفرون الأقنية الكبرى لري الأراضي بطول مئات الأميال، أو يوجهونها إلى المدن للارتواء في مختلف الظروف الطبيعية أو الطارئة.  ويكفينا دلالة أن نشير إلى أقنية النيل، والجملة المعقدة لأقنية دمشق ومنطقتها.  ومختلف أنظمة الري على العاصي، والشبكة المعقدة لأقنية حلب القائمة تحت المدينة الخ.  وليست هذه أقنية رومانية ولا يونانية، كما هو شائع خطأ، وإنما من تخطيط مهندسين محليين وتنفيذ صنّاع مهرة من أقوامنا التي سبقت الروم واليونان إلى المعرفة النظرية والعملية بعشرات القرون.  وقد أتي هؤلاء متأخرين ليتعلموا منهم وينسجوا على منوالهم في سد حاجاتهم الطارئة.  كما استمرت في عهودهم  الأيدي العربية والفكر العربي في الإبداع في كل مجالات الحياة، ومنها مجال هندسة الري.  وقد مكنهم فهمهم العميق والواسع لقوانين فيزياء السوائل من ابتكار حلول لمختلف مسائل الهندسة المائية تبلغ حد الروعة في جمالها ورشاقتها، لا في مجال الري وما شابه فحسب، بل في المجالات الأخرى، ولا سيما منها استخدام الماء كقوة محركة.  إن التدمريين مثلا عرفوا قوانين ضغط الماء قبل باسكال بعشرات القرون، كما عرفوا تنظيم الحركة بعطالة كتلة الماء.  فتمكنوا من إدارة الطواحين الثقيلة بمجار ضعيفة الغزارة وغير منتظمة السيلان، بمنشآت هندسية لا مثيل لجمالها في فكرة تصميمها.  ثم إن "القنواتي" لقب شائع، من قديم الزمان حتى يومنا هذا، في أقطار الإهليلج الخصيب المحدد أعلاه، وفي وادي النيل، أكثر من أي قطر آخر في العالم.  وهندسة الري هي في الواقع هندسة عربية محضة في أصولها وأسسها.  فيها تغلبت أقوامنا على جفاف الصحراء، وبنت عليها حواضرها العظيمة التي ازدهرت وأشعّت بنورها على الإنسان خلال ألوف السنين.  وكان العهد الإسلامي من ابرز عهود التاريخ، فقد انتشرت فيه الحضارة، وارتفعت سوية الناس المادية في كل أرض حلّ فيها. وذلك على عكس ما فعل النظام الرأسمالي الذي نشر التخلّف والفقر بنهبه وقهره للإنسان أينما وصل من بلاد العالم. وكانت هندسة الري من المجالات التي بلغ فيها المسلمون شأوا عظيما. فكانت مثلا أنظمة الري التي بنوها في إسبانيا من عجائب الدنيا في ذلك العصر.  والرياضي ـ الفيزيائي العربي أبو الحسن بن الهيثم، كان أول من وضع دراسة علمية لتنظيم جريان النيل، في مطلع القرن الحادي عشر ميلادي، بإقامة سد على النهر كسد أسوان.  كما اقترح وصل البحر الأبيض المتوسط بالبحر الأحمر بقناة تمر بالنهر.

 

  إن مشاريع الري واستعمالات المياه بأنواعها تتطلب رساميل ضخمة كانت بمتناول مجتمعاتنا العربية، قبل أن يقوم النظام الرأسمالي الوحشي في العالم ويأتي لقطع أرزاقها وتجميدها، بسد سبل الحياة التي ارتادوها طوال ألوف السنين عندما كانوا يجوبون بقوافلهم أقطار العالم وبحاره. ثم يأتي المرتزقة الصهاينة في النهاية، ومن ورائهم، أسيادهم المستعمرون، ليسلبونا أرضنا ومياهنا بحجة أننا "نفقر الأرض ونضيع المياه"... ولكن لا بد من استرداد ثرواتنا، وفي مقدمتها نفطنا ودولاراته، كي لا تضيع هذه المياه. وقبل هذا، لا بد من تنظيف العملاء والرجعيين الوثنيين كما فعل الإسلام، للتقدم بعد ذلك لإلحاق الهزيمة الحاسمة بأعداء الإنسان الصهاينة والإمبرياليين الأميركان أسيادهم.  ونقول للمستعمرين: إن ما نمر به اليوم من تجارب مريرة تضعوننا فيها، وما تذيقوننا إياه من العذاب، له وجهه الآخر وهو المدرسة التي ستهدينا في النهاية إلى طريق الخلاص: بقهركم، والقضاء عليكم، وتخليص العالم من شروركم، "فكل آت قريب".

 

  وكان الصهاينة أيام الانتداب، والأيام التي تلت النكبة إلى اليوم الذي استولوا فيه على ينابيع الأردن في الجولان، أثناء سعيهم لتجميد وتخريب كل مشروع ري يستفيد منه العرب، في فلسطين وما حولها، يعملون على إنجاز الأمرين التاليين:

 

أولا: إتمام الدراسات ووضع المخططات لإنجاز مشروع مائي بالغ الضخامة يتضمن شقين: توليد الكهرباء بكميات هائلة، واستعمال المياه، في مختلف الأوجه المعروفة.

ثانيا: إنجاز المشاريع الفرعية للري، مع كل ما يمكن من مشاريع تمهيدية، هي كلها في الواقع تشكل أجزاء من الخطة العامة لمشروعهم الضخم الآنف الذكر. وهذه المشاريع هي (انظر المخططات الملحقة بهذا البحث):

ـ مشروع الحولة لتنظيم مياه الأردن وتجفيف بحيرة الحولة.

ـ مشروع بيسان لري الأراضي، وهو يستند إلى بحيرة طبريا.

ـ مشروع الجليل الغربي لاستثمار مياه مرتفعات الجليل بعد حصرها وتنظيمها.

ـ مشروع اليركون ـ النقب، ويمتد من تل أبيب إلى بئر السبع، ويستثمر مياه الضفة الغربية التي تنحدر نحو الساحل.

ـ مشروع الأردن ـ النقب، وهو الشق الكبير من المشروع العام، وسنتكلم عنه بشيء من التفصيل فيما يلي من البحث.

 

  ومنذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، وفي أثنائها، بدا للعيان ضعف الإمبراطوريات الاستعمارية الأوروبية القديمة، وصعود الإمبريالية الأميركية الحديثة. فهرع الصهاينة على عادتهم إلى الولايات المتحدة الأميركية، ليكشفوا وجودهم فيها، ويعرضوا على سادة الاحتكار هناك خدماتهم "المفيدة" في المنطقة النفطية العربية، ذات القيمة الستراتيجية الهائلة من كل الأوجه. وكان أولئك السادة اليانكي قد تسللوا باحتكاراتهم النفطية إلى العربية السعودية، كما كانوا يدأبون بالسعي إلى المزيد (على حساب الإمبرياليين القدماء) فطلب الصهاينة في عام 1943 بطريق الوكالة اليهودية، إلى المدير المساعد لمصلحة صيانة التربة في الولايات المتحدة الأميركية "ولتر كلاي لودرميلك" أن يقوم بوضع دراسة سابقة له لأراضي فلسطين موضع التطبيق العملي فيجملها بمخططات لبرنامج تنفيذ في المستقبل*[7]. وكان هذا قد زار فلسطين في عام 1939 كخبير في صيانة التربة، وقام بتلك الدراسة فيها، وقد خُيل إليه حينذاك أن هذا القطر العربي يشبه كاليفورنيا في الري والطاقة.  ولعل أساس هذا التشبيه، الذي انتقده وعارضه عدد من العلماء والمختصين، هو كل ما كان يعتلج في عقله الباطن من رغبة في تحويل فلسطين بالمرتزقة اليهود إلى امتداد للنظام الاستعماري المقبل الذي كانت تخطط له دولته فكاليفورنيا كانت من مرابع الهنود الحمر الذين أبادهم أجداد هذا الخبير المتوحش.  وكان كتابه الذي أجمل به دراسته المذكورة، والذي عنونه بعنوان "فلسطين أرض الميعاد" يدلّ على أن هذه الدراسة لم تقتصر على موضوع التربة الذي دعي من أجله لزيارة فلسطين، وإنما شملت أيضا التعرف على أولئك المرتزقة وتقييمهم، ورؤية أحوال الشعب العربي الممزق المقهور بشتى أنواع القهر، ورسم الطريق إلى إبادته كما أُبيد الهنود الحمر في كاليفورنيا.  فالآنسة غواشون تقول*[8]:" إنه كتاب "رؤى" كما قيل في وصفه... ولا يتكلم المشروع مطلقا عن سكان ضفاف الأردن الذين لن يتلقوا بعد الآن قطرة من مياه نهرهم... ويستمر لودرميلك فيقول: اذا وجد العرب أنه من غير المستحب لديهم السكن في أرض مصنعه (وبعبارة أخرى: إذا وجد العرب أنه من غير المستحب لديهم أن يكونوا أجراء في معامل الصهاينة: من عندنا) فسوف يتمكنون بكل سهولة من الإقامة في السهل الرسوبي العظيم لوادي الدجلة والفرات، حيث تكفي مصادره لعدد كبير من المهاجرين..." انتهى قول غواشون.

  إن كتاب لودرميلك يشكل على كل حال فصلا أساسيا من فصول "التلمود المعاصر" للصهاينة، التلمود الذي نجد أفكاره العدوانية في كل ما يكتبون ويطرحون، ونجد تطبيقه العملي في تصميمهم على السير في تحقيق أهدافه بقدم لا تتزحزح إلا بمقدار ما تتزحزح الأثقال الرهيبة للاستعمار الرهيبة للاستعمار العالمي عن صدر وكاهل الأيام. فهذا الخبير لا يتكلم في بحثه المذكور في الأمور الهندسية، التي كانت مهمته الأساسية، بقدر استفاضته في أمور سلب العرب أوطانهم وتشريدهم، وإحلال مرتزقة الخزر المتهودين مكانهم، فقد خصص عشرة فصول من خمسة عشر فصلا يتضمنها كتابه للتعريف بفلسطين وما حولها، والأوهام التاريخية التي نسجتها الصهيونية حول قدماء اليهود الذين أتوا إليها، و"الإمكانات المتوفرة فيها للهجرات الكثيفة".  وتغنى بعبقرية اليهود ونظرتهم الصائبة، وقال بأن الأرض ( وهو يعني فلسطين والأردن) يمكن أن تستوعب أربعة ملايين مهاجر، بالإضافة إلى ما كان فيها حينذاك من سكان... وتبنى الصهيونيون تقديراته هذه التي تخدمهم كثيرا، ونظموا الهجرة على أساسها، ولم يكن ذلك سوى هذيان غريب اعتبر كشيء مسلم به...)*[9].

 

  وقد خصص بضعة صفحات لمشروع التنظيم الكهربائي، واستنار عل العموم، فيما يخص الأعمال الهندسية، بما قامت به هيئة "وادي التنسي" في الولايات المتحدة الأميركية من تخطيط وتنفيذ لمشاريع ذلك الوادي.  فاقترح لذلك البدء قبل كل شيء، بإقامة "هيئة وادي الأردن" على غرار الهيئة الأميركية المذكورة، لتشرف على كل نشاط يتعلق بالماء والكهرباء في فلسطين وما حولها (المناطق التي كانت تحتلها حينذاك الجيوش البريطانية التي غزت سوريا مع الديغوليين قبل ذلك بعامين) وكانت الأسس التي تقوم عليها بصورة عامة، مختلف نشاطات "هيئة وادي التنيسي" والتي اقترح لودرميلك أن تهتدي بهديها "هيئة وادي الأردن" كما يلي*[10]:

 

أولا: مركزة كل الأعمال بالهيئة، وجعلها في مشروع واحد ضخم.

ثانيا: الإشراف والتحكم بجميع مصادر المياه: الأنهار وروافدها، والينابيع،         والسيول، والآبار، والمياه والأنهار الجوفية، والبحيرات.

ثالثا: تنظيم توزيع المياه لمختلف الاستعمالات.

رابعا: القيام بكل ما يلزم من أعمال لتنظيم موارد وصرفيات المياه بإقامة السدود على الأنهار ومجاري السيول الرئيسية، مع إنشاء بحيرات التخزين وغيره:        كان مثلا في وادي التنسي 32 سدا رئيسيا، منها تسعة على النهر، 23     على روافده والسيول المنحدرة إليه، كما أقيمت البحيرات الكبرى في       الجنوب لتخزين المياه.

  وكان وادي الأردن يتضمن حينذاك الإمكانيتين الأساسيتين التاليين:

ـ بحيرة طبريا كخزان ممتاز للمياه

ـ الأغوار التي يبلغ انخفاضها عند البحر الميت مقدار 400 متر تحت سطح البحر، الأمر الذي يسمح بتوليد كميات هائلة من الكهرباء بقناة تأتي من البحر القريب من تلك الأغوار، وهذا بالإضافة إلى استثمار الأملاح المعدنية العديدة.

 

  ويتقسم مشروع لودرميلك إلى شقين:

الأول: تحويل مياه نهر الأردن الأعلى، ونهر اليرموك، ووادي الزرقاء، لإرواء سفوح الوادي، ومرج عامر وبيسان والجليل وبئر السبع والنقب.

الثاني: قناة توليد الكهرباء، وهنا تبرز ثلاثة إمكانات فنية:

ـ قناة حيفا ـ طبريا، فيها سبعة أميال مكشوفةـ قناة حيفا ـ البحر الميت، وهي طويلة ومكلفة، وبالإمكان أن تتبع سيرها أقل المسارات كلفة: من نقطة على البحر شمال حيفا إلى نقطة مأخذ الوادي على خط الصفر (عن سطح البحر) الواقعة إلى شرق العفولة، ثم نساير هذا الخط إلى الغرب من بيسان حتى مشارف البحر الميت، دون أن تضيع من ارتفاعها بحيث تحافظ على طول مسارها، وحتى نهايتها، على ارتفاع يقرب من أربعمائة متر عن سطح بحيرة لوط، مع بقاء مياه البحر تجري فيه بالراحة.

ـ قناة من منطقة غزة إلى البحر الميت، وهو ما تقوم بتنفيذه حاليا إسرائيل.

  وميزة المشروعين الأخيرين هي في الحصول على فرق ارتفاع أعظمي، هو: ما يقارب انخفاض بحيرة لوط عن سطح البحر. ثم الاحتفاظ ببحيرة طبريا كخزان للمياه العذبة. ونجد في النتيجة: أن الشق الأول من المشروع "يخلي" مساحات واسعة من الأغوار من سيلان المياه العذبة المحولة إلى مناطق أخرى من فلسطين والأردن (يهاجر إليها اليهود) لتأتي المياه المالحة (لقناة توليد الكهرباء المؤلفة للشق الثاني من المشروع) وتغمر تلك المساحات.

 

  وتقول جريدة نيويورك تايمز في 21 آذار 1944*[11]:" بما أن التحريات التمهيدية قد تمت أمس، فإن المخططات قد أصبحت متبناة وستوكل إلى "هيئة وادي الأردن" لتنفيذها. ويُطلب من قادة الحركة الصهيونية خططت مشاريع لبناء سدود على نهر الأردن وتحويل مياهه، وحفر قناة بطول 95 ميلا من البحر الأبيض المتوسط حتى البحر الميت. وبناء مركزين كهربائيين عظيمين، وهذا المشروع يسمح بالحصول على الطاقة الكهرومائية بسعر زهيد، وعلى عدة محاصيل في العام من الأراضي المروية الجديدة. وهذا ما يسمح بزيادة الهجرة اليهودية المحدودة حاليا. ويمكن فتح أقنية إلى شرقي النهر، غير أن مياه النهر ستذهب إلى الغرب لري سهول شمال فلسطين ومرج ابن عامر والسهل الساحلي وشمال النقب". انتهى قول الصحيفة.

 

  وانتقلت الصهيونية إلى ميدان جمع وسائل التنفيذ، فسعت إلى جباية الأموال اللازمة للمشروع: بدفع سلطات الانتداب في فلسطين إلى رصد ميزانيات له، ودعوا المنظمات اليهودية إلى المساهمة بتكاليفه، وعقد القروض المختلفة، وأسست لهذا الغرض منذ شهر آذار عام 1943 شركة تمولها أموال خاصة، كما قامت لجنة مراقبة لفلسطين يمولها الصهيونيون هناك*[12]. ونلاحظ أن هذا النشاط قام في ذات الشهر الذي نشرت فيه جريدة نيويورك تايمز مقالها الذي اقتطفت منه العبارات المارة أعلاه. وهذا أمر يدل بوضوح على أن الحملة في أشد ظروف الحرب حسما تركزت على أميركا لا من أجل تحقيق مشروع لودرميلك وجمع الأموال اللازمة له فقط، وإنما أيضا لتحقيق السبق إلى كسب ود الإمبريالية الصاعدة، وتشديد اهتمامها بخدمات الصهيونية لها، بإبراز كل ما يمكن للصهيونية من أن تكون قوة حاسمة في المنطقة، وكل ما يضعف العرب ويسهل اقتراب مجتمعاتهم من الزوال من فلسطين وما حولها.  وليس هناك ما يثير اهتمام احتكاريي أميركا كما يثيره مثل هذا المشروع.  فتنفيذه بكليته يوفر "هيكلا عظميا" قويا تقوم عليه (لا سمح الله) قوة للمرتزقة الصهاينة ربما كفتهم للسيطرة على كل المشرق العربي، وليس فقط من الفرات إلى النيل، فيما إذا ظل العرب سادرين في جاهليتهم القائمة حاليا على مزيج من الخيانة والرجعية الوثنية عابدة المال، والانتهاز والدجل.  لقد قدم الصهاينة هذا المشروع إلى المستعمرين الأميركان وهم يصفونه بأنه "صمم بخطوط جريئة وخيال مبدع".  وكان الاحتكاريون الأميركان حينذاك يعملون على توطيد وجودهم في المنطقة "فيرمون بأنظارهم" إلى العربية السعودية واحتياطيها من البترول الهائل، إلى جانب الاحتياطات البترولية الأخرى في الخليج.  فلم يتأخروا في تشديد نشاطاتهم الاستعمارية هنا.  فشاركوا مثلا البريطانيين في لجنة للتحقيق في فلسطين. وقد رددت هذه اللجنة في تقريرها مقترحات الصهاينة فيما يتعلق بمشروع لودرميلك*[13].

 

ورأى الصهاينة ضرورة تعميق وتوسيع الدراسات الهندسية في مشروع لودرميلك. فقام "سافاج" بتقديم تقرير يقترح فيه إدخال مياه الليطاني في المشروع المذكور، وكان ذلك في شهر نيسان 1945. وتبعه رئيس المهندسين في لجنة المراقبة الأميركية الصهيونية لفلسطين، المار ذكرها أعلاه، جيمس هاسز. وقدّم هذا تقريرا مفصلا حول ري شامل لفلسطين، مع تنمية القوة الكهربائية، إلى اللجنة الأنكلو ـ أميركية المار ذكرها آنفا في لا26 شباط 1946. وكان برفقته آنذاك، لدعمه، رئيس لجنته عمانوئيل نيومان. " فالمشاريع كانت تصمم وتوضع في قوالبها في الوسط الصهيوني الأميركي*[14]".

 

  وقامت في عام 1943 شركة صهيونية خاصة، تسمي نفسها "لجنة مياه فلسطين" مع بعض المهندسين اللبنانيين، بدراسة حوض الليطاني. وقد انتهت هذه الدراسة إلى تقرير: أن لبنان لا يمكنه استخدام مياه هذا النهر بكليتها. فتبقى من هذه المياه كمية يمكن تحويلها إلى فلسطين. وعلى هذه الدراسة استند سافاج الآنف الذكر في إدخال مياه الليطاني في المشروع العام للودرميلك.

 

  لقد  أراد الأميركان أن يشمل التوسع الصهيوني أراضي شرقي الأردن، ليزداد بالتالي طول ذراعهم في هذه المنطقة. وكان هذا مصدر قلق منافسيهم الإمبرياليين الآخرين الإنكليز، الذين أسرعوا إلى إعلان:" أن مياه الأردن وروافده لا تكفي للتوسع الذي اقترحه لودرميلك. فقد كان هذا الأخير قد كتب العبارات التالية التي يُظهر فيها "غيرته" على وحدة الأراضي، ومعارضته "لانتهاك علم الجغرافيا" الذي كان على ما يبدو يحبه حبا جما كما يحب تشريد العرب واستبدالهم بالمرتزقة الخزر، خدمة لأسياده احتكاريي بلده. فهو يقول: "إن شرقي الأردن حسب ما يقال عنه هو منطقة طفيلية (كذا...) وإن هيئة وادي الأردن ستكون ممتازة بالنسبة لليهود الموجودين حاليا ولليهود الذين يريدون المجيء من أوروبا. غير أن تأسيس شرقي الأردن كدولة منفصلة ليس في مصلحة العرب، ولا اليهود، ولا الأرض. إن هذا انتهاك لوحدة المنطقة الجغرافية، وفي تقديرنا نحن الجغرافيين (ما شاء الله...) والمهندسين، والمزارعين، والاقتصاديين، وكل ذوي النوايا الحسنة نجد أنه لا مبرر لفصل شرقي الأردن عن فلسطين الكبرى"*.[15] ونحن أيضا نتمنى من كل قلوبنا عدم فصل شرقي النهر عن غربه، ولكن بدون المرتزقة المتهودين الصهاينة.

 

  وهكذا نرى: أن الصهاينة الذين عملوا على تجميد كل مشاريع المياه للري طوال فترة الانتداب، كي لا تستفيد منها الكثرة العربية، وهم أقلية ضئيلة قبل تكاثرهم بورود المزيد من أفواجهم بالهجرة، أخذوا يكثفون دراساتهم، ويلحون بعرض مشاريعهم، للري والكهرباء، الواحد تلو الآخر، بعد أن تزايد عددهم وأتت أميركا الدولة الإمبريالية الحديثة تساندهم.



[1]  من خطاب لبن غوريون في تل أبيب عام 1955.

[2]  ورد في "إسرائيل الكبرى" للدكتور أسعد رزوق. ص 401 وما يليها.

 

[3]  إصدار مركز دراسات مسائل العالم الإسلامي المعاصر في بروكسل في 30 نيسان 1964 وترجمة العميد يوسف يازجي تحت عنوان "تحويل الأردن معركتنا الفاصلة مع إسرائيل" ص 23.

[4]  هذه الأمور تناولها عدد كبير من الباحثين نذكر منهم مجلة الجمعية الملكية الآسيوية في موضوع التنمية المائية في فلسطين وشرقي الأردن 1946 تحت عنوان "الليطاني نهر الأزمة".

[5]  هذه الأمور تناولها عدد كبير من الباحثين نذكر منهم :مجلة الجمعية الملكية الآسيوية في موضوع التنمية المائية في فلسطين وشرقي الأردن 1946 تحت عنوان "الليطاني نهر الأزمة".

[6]  وُضعت هذه الدراسة قبل قيام إسرائيل بغزو لبنان عام 1982 واحتلالها كل الجنوب اللبناني حتى بيروت.

[7]  أنظر بحث " الماء قضية حيوية لمنطقة الأردن" للآنسة غواشون، المار ذكره آنفا. ص 40 وما يليها.

 

[8]  المرجع السابق.

[9]  الماء قضية حيوية. الآنف الذكر.

[10]  الموسوعة بريانيكا. مجلد 21 ص 936. إصدار عام 1965.

[11]  الماء قضية حيوية. الآنف الذكر ص 53.

 

[12]  المرجع السابق.

[13]  نشر تقرير اللجنة المذكورة في جريدة النيويورك تايمز في أول مايس (أيار) وفيه ملخّص عن المشروع.

[14] الآنسة غواشون في بحثها "الماء قضية حيوية" ص 55.

[15]  المرجع السابق ص 57.؟