ليــــزا

 

زرت ووالدي بيت عمي لوداعهم ، بينما ذهبت جهينة إلى زيارة والدها في المخيم. كانت امرأة عمي وهي فرنسية في غاية السرور . جاءت الفرصة أخيرا لتبرز جمالها وأناقتها في الحفلات التي تقيمها السفارة اللبنانية في الصين . غير أن فرحها الغامر كان مشوبا بغصة لأن منصبه ذلك لم يكن في فرنسا ذاتها ، فالرواتب هناك أضخم والبذخ أوفر والذوق الجمالي أرفع.. وكانت تدخل وتخرج وهي ترينا مشترياتها من الأثواب الفاخرة تضعها على جيدها بيد وتعقص الخصر بيدها الأخرى، وتأخذ رأينا باختيارها.

أما ليزا فلم تكن فرحة كأمها إذ أنها ستقطع دراستها في الجامعة فترة من الزمن. وما كان بالإمكان دعوتها إلى الإقامة بيننا بعدما كان من تصرّف عبد الرحمن إزاءها..

خرجت وإياها إلى الحديقة الرائعة التي كانت الأم تعتني بها وتملؤها بأحواض الورود الحمراء التي أخذت تطفر من بين فجوات السياج إلى الخارج، وتربّي فيها غزالا وطاووسا وقردا.

سألت ليزا ماذا سيفعلون بهذه الحيوانات الجميلة التي أخذنا بمداعبتها وأضحكتنا كثيرا. قالت بأن أمها ستعطيها لصديقتها، زوجة السفير الفرنسي، فلديهم متسع في حديقة السفارة.

كان على لسانها سؤال لم تطرحه كبرياء، وأنا على لساني سؤال لم أطرحه أدبا عن طبيعة الجفاء بينها وبين أخي، إذ لم يعد هناك من فائدة ترجى في رأب الصدع. قلت لها حين سألتني بصورة عامة عن إخوتي بأنني لا أزور إلاّ هشام لأن منزله قريب من جامعتي، وبدون علم أبي، لأن والدي غاضب منه لزواجه من أميركية.

*   *   *