اختفاء جهينــة

 

زارنا عبد الرحمن وسألني فيم إذا كنت أعرف شيئا عن مكان جهينة لأنها اختفت مباشرة بعد وصية جدها.. نفيت معرفتي بأي خبر عنها لأنها منذ زمن لم تعد تصارحني بمكنونات فؤادها:

-         أتراها ذهبت إلى أبيها؟

-         لا أظن، إنها تهرب من أمر تخشى أن يطلع والدها عليه..ولعلي أعرف السبب..إنهم في مقر المجلة في بيروت يعرفون بأمر زواجها من غانم هجرس ولكنها تخفي الأمر عن أهلها ولا تدري به إلا أمها.. جئتك بتقرير الفلسطينيين عنه فاقرئيه على مهل .. ولعلي أتعاون وأياك في البحث عنها.. ولكن لا تخبري والدك بالأمر..

حدث عبد الرحمن والدي عن الحركة الديموقراطية وكيف يزيد أتباعها، ويكثر خصومها، وحدثه عن عرض الحكومة في المشاركة في الحكم..

-         جاءني رجل ذكر لي أنه سبق وتعاون معك عند بدء تشكيل الحركة.

-         مااسمه ؟ كثر الذين رغبوا في التعاون معي..

-         سامح عبد الله..

-         لا أذكره، لا يهم .. ماذا قال؟

-         أنا ووزير الداخلية خوش بوش.. زرته في بيروت ، قال لي "مافي الساحة غيركم، أنتم رجال شرفاء البلد بحاجة إليكم.. غيركم يركض وراء المنافع : سيارة وبيت ومعاش أنتم شكل آخر.. شكلوا حزبا، ولكن كيف لكم أن تمولوا الحزب ؟ في الدول الديموقراطية الغربية الحكومة تعطي مالا للأحزاب.. كيف يخرجون صحيفة ويستأجرون مكتبا ويقومون بتكاليف إنشاء حزب؟ قلت له " من إشتراكات الأعضاء"  قال " الإشتراكات وحدها لا يمكن أن تشكل حزبا ..لو كنت رأيت كبف استقبلني الوزير في المرة الثانية.. قلت له " لن آخذ من وقتك كثيرا" قعد معي ثلاث ساعات، الحكومة بتقدرنا، عاملة حسابنا ، مزنوقة وتستنجد بنا.. قال لي " ليش عاملين جدار جليدي بيننا وبينكم ؟ إنشطوا ! من ضد الوفاق الوطني ؟ نخلص من البلاء الذي جاءنا من السوريين "  قلت له  "سيدي، نخاف ننشط تدقون بنا، وتقولون حركة ليست مرخصة.. وتلاحقون  أتباعه قال "هي مسؤولية وطنية ما لازم تتأخروا، وتنتظروا الإذن. قلت له "نحن من حقنا العمل السياسي كمواطنين واعين، ونحن دايما ناشطين، بس الحكي ما يفيد إذا ماكان لنا سند من الحكومة، الناس تخاف أن تتهم بأنها معارضة" قال "معارضة لابأس ولكن خلوها ضمن المعقول"

ضحك والدي:

-         أي معارضة مستوعبة..

-         نحن نشكل حركة للمستقبل وليس حزبا يطمح إلى دخول البرلمان!- هذا ما أجبته به- قال عبد الرحمن.

-         حسنا فعلت..إن بي رغبة أن أذهب بتفسي إلى صيدا لأجمع حول حركتنا كل من يؤمن بالديموقراطية والوحدة العربية والوفاق الوطني!

ذهب والدي إلى صيدا في ذلك الأسبوع قبل أن يبلى تماما من مرضه وعاد طريح الفراش بصحبة عبد الرحمن الذي أدخله المشفى على الفور. وكشف الفحص الطبي آثارضرب مبرح على صدره وظهره شعر له ضلعا من ضلوعه وأصاب كليتيه بأذى كبير..

أخبرني عبد الرحمن أنه شوهد قريبا من صيدا مغمى عليه، وملقى خارج سيارته على الأرض وهو بين الحياة والموت! لقد تعرض لعدوان وحشي من قبل رجال أشداء وهو في صحته الواهنة إثر الإلتهاب الذي أصيب به في كليتيه!

*   *   *