ريمون وغانــم

 

ذهبت إلى بيت صديقتي جولييت فوجدت زوجها ريمون قلت له:

-       إن زوجي مسافر إلى واشنطن وقد أوكل إدارة المصرف إلى غانم، وأنت تعرفه فلقد التقيت به في سفرك إلى القرية الحدودية في منزل والدة الأمير السعودي.

بدأ ريمون في شتم الرجل:

-         السافل! عرف أني مسافر إلى دمشق فرجاني أن أحمل حقيبة إلى أقارب له هناك .. لقد دعاني والأمير إلى ناد رياضي يديره. كان قطعة من الجنة بالأزهار والمسابح ونسق البناء الرائع.. وأولم لي ببذخ كبير، فلم أجد من اللائق أن أرد طلبه، وحين وصلت إلى الحدود السورية فوجئت بإصرار رجال الجمرك على تفتيش حقائبي، وحين أردت أن أبرز هويتي وجدت أن محفظتي قد سقطت من جيبي، أو بالأحرى سرقت مني، وقلت بغير مبالاة "يمكنكم أن تفعلوا" وكم كانت دهشتي حين فتحت حقيبة غانم فوجد فيها كمية كبيرة من الهيروين! أحضرت ملفه من المخابرات إثر ما حدث لي وأعدته لأنطون وأرسلت تقريرا إلى الكونغرس أندد بتعامل حكومتنا مع أناس لهم تاريخ حافل بالفساد، فجاءني الرد بأنه لا غنى لهم عن مثل هؤلاء الناس لأنهم يسهلون مصالحنا.

رجوت من ريمون أن يأتيني بملف غانم لأقرأه لأنه يساعدني في قضية أقوم في التحقيق فيها، وقد تدين زوجي بأنه متورط فيها.. حدثته عما أخبرني عنه طبيب قريته دون أن أذكر له أنه زوج جهينة ابنة خالتي، وطلبت منه أن يراسله بنفسه فهو يثق به، ويحذره من هذا الرجل لأنه قد يورطه ويورط مصرفه فيما لا يحمد عقباه..

لبى ريمون طلبي وجاءني بملف غانم " والده طرد من التعليم بسبب جريمة أخلاقية، أصبح من دعاة الماسونية..الإبن التحق بالجيش السوري في وقت كانت الحدود فيها مائعة بين سورية ولبنان، وبدون شهادة بكالوريا. هو ومعه آخرون دخلوا بشكل استثنائي بأمر من وزير الدفاع.. الضباط أضربوا بسبب الإخلال بقوانين الالتحاق بالكلية العسكرية، ومع ذلك بقي غانم وضباط آخرون في الكلية.. كان غانم كوالده ينشر الدعاية الماسونية فارتقى بسهولة، ثم عين في الشعبة الثالثة، واغتنى من التلاعب بمشتريات الجيش، وكان آخرها صفقة أسلحة وصلت إلى ميناء اللاذقية فإذا بها حجارة. أدانته المحكمة العسكرية وسجن خمس سنوات عاد بعدها إلى قريته الحدودية وأخرج ما كان خبأه من سرقاته الماضية، واشترى أراضي هناك، أراض وقفية كانت لمهاجر لبناني، ووقعت في الحدود السورية بسبب أغلاط الكداسترو .. اشتراها من فلاحين يقيمون فيها بأثمان بخسة بعد الإصلاح الزراعي في سوريا، واقتلع شجرالتفاح وزرع مكانه الحشيش.. وهو يوظف أمواله في التجارة الممنوعة وغير الممنوعة وبالتهريب في المنطقة الحدودية بين سوريا ولبنان..

يدّعي غانم أنه صديق لعدد من زعماء الدول العربية.. ينقل نشاطه إلى أوروبا، ويقوم بتجارة السلاح وبيع المخدرات وسرقة السيارات.. تزوج عددا من النساء وطلقهن، أو متن وورثهن.. هناك شبهات أنه وراء مقتل ابن المهاجر اللبناني الذي عاد يطالب بأراضيه التي ورثها عن أبيه قرب بعلبك..

لم يخبرني ريمون حينذاك أنه كان وراء اقتراحه ذات يوم للعمل في المكتب الثاني اللبناني، وأن معرفته به قديمة حتى قرأت ذلك في كتاب مذكراته..

*   *   *