ثريــا

 

رن جرس الباب في منتصف الليل، كانت ثريا تغلق الباب بالمزلاج خوف الحوادث، قامت ترتجف وتناولت مسدسا كان عبد الرحمن قد درّبها عليه واقتربت من الباب :

-       من هناك؟

-         أنا عبد الرحمن.

فتحت الباب وتعانقا بلهفة وحنين طاغ "اشتقت لك يا حبيبتي"

-       وأنا لا أحتمل بعادك يوماً واحداً، تلفن لي والدك وطلب مني أن أذهب إلى بيروت أنا والصغيرين، ولكن لا أستطيع.

كانت قبلاتهما وتنهداتهما تسمعان عالياً في هدأة الليل، ففتحت ثريا المسجل قربها حتى لا يستيقظ الصغيران.

-       إنهما في سابع نوم فلا تخش أن يستيقظا!

كان الصغيران ينامان معا في سرير واحد كأنهما توأم فالفرق بينهما بالسن لا يتجاوز الشهر ويتشابهان بشكل غريب عدا أن أحدهما تغلب عليه الشقرة بالرغم مما لوحته الشمس..

إنه يتلمسها وهي تتلمسه كأنما يتعانقان لأول مرة . كل جارحة فيها تستجيب للمساته ، للسانه وهو ينتقل من فمها إلى عنقها إلى حلمتي ثدييها. ما أحلى رائحته! إن لعرقه ودخانه رائحة خاصة تثيرها، ولجسده كهربائية متنافرة مع جسدها، يكون حاراً فيدفئها وهي مثلجة، ويكون عرقاً فيبترد به جسدها الحار.. وتنتفض هرموناتها لترطب حناياها الحساسة لاستقباله، وتختلط تنهداتهما وصيحاتهما مع أغاني المسجل وهما يصلان معا إلى النشوة..وينامان وذراعه تطوق رأسها وساقه تطوق خصرها وهي مرتاحة قربه كفرخ عصفور، وتشعر بالأمان والسعادة..

يستيقظان عند الفجر مع الآذان:

-       علي أن أعود إلى الرفاق قبل الضحى فقد يحتاجون إلي!

يسحب ذراعه برفق ويرتدي ثيابه:

-         نامي أنت، سأقبل الصغيرين وأذهب، تصبحين على خير ياحبيبتي ، وانتظريني في مثل هذا اليوم الأسبوع القادم.

واقترب منها يقبلها فانتفضت من فراشها وودعته عند الباب.. طوال الأسبوع الذي يمضي لا تسمح أن تتلمس جسدها لتفرغ شحنة الحنين إليه حتى تستقبله حين يأتي بمزاج ملتهب وتفرغ شحنتها العاطفية في إسعاده.. لطالما اشتهت أن لا تمتد يدها إلى حبوب منع الحمل حتى تنجب من هذا الإنسان الرائع دستة من الأطفال يكررون كل مزية فيه. ولكن في عصر لا يملك الإنسان فيه مصيره، ولا حياته الآمنة، ولا أرضه ، ولا حريته، ولا وطنه، ولا يختار حكامه، ولا يستطيع أن يكسر أغلال عبوديته إلا بالكفاح الدامي لن يكون مصير الأطفال الذين ينجبهم إلا أن يكبروا ويصبحوا رجالاً ويشووا على ذراعي صنم جبار تئج من جوفه النيران..

 قال لها عبد الرحمن:

-       التضامن العربي مفقود ومصر خرجت من المعركة بعد سفر السادات إلى إسرائيل, ولبنان وحده يواجه القصف على الجنوب.. جنبلاط زعيم الحركة الوطنية يغتال ، وإسرائيل تطلق هجوما واسعاً لتصفية قواعد الفدائيين على طول الحدود، وتعلن ببلاغ رسمي أنه ليس في نيتهم إلا معاقبة المخربين الذين يهددون مستعمرات الشمال الإسرائيلية.

تتناول ثريا ورقة وقلما وتكتب شعراً وفي صبيحة اليوم التالي تبعث به إلى المجلة في بيروت..

*  *  *