فقدت الثقــة

 

نزلت لأحضر الصغيرين، فوجدت سيارة زوجي عند الباب، فقلت لنفسي لابد وأن الصيدلي استوقفه ليسأله عن سبب إغلاق المصرف، ولماذا قبل ذلك كان المدير الإداري يرفض الصرف بالدولار، ولا يقبل حتى للذين يودعون أموالهم في المصرف بالدولار أن يسحبوا ما لديهم..

عدت بالصغيرين إلى الدار، وما كادت نورا تنزل من السيارة حتى هتفت "ماما هذه سيارة أبي، هل هو عندنا في الدار؟ ".

-  لا، ربما كان عند الصيدلي.

اندفعت نورا إلى الصيدلية وتبعها جهاد. وقفت مسمرة لحظة ثم فتحت باب الصيدلية .. رأيت نورا تعانق والدها وتقبله فقلت "لاتتأخرا إنه ميعاد الغداء.

دخلت المنزل متوترة، أنتظرهما فلا يعودان، بت لا أثق بأحد حتى زوجي تجاه نواياه لخطف ابنتي مني.. مرت ساعتان على غيابهما فقلت لفريدة " أتركي كل شيء من يدك وانزلي إلى الصيدلية واشتري لي حبوب الإسبرين، وأعلميني إن كان زوجي لا يزال هناك مع الصغيرين أو أنه غادر بهما المكان".

عادت فريدة وقالت "ليس هناك أحد، وسيارته غادرت الباب".

-  أما كان أحرى به أن يتلفن لي، ولا يتركني في قلق عليهما؟

-  سيدتي، إنه أبوها ولا يريد بها شرا!

-  صدقت، ولكن المشنوق يخاف من جرّة الحبل.

-  سيدتي ، الطعام جاهز، كلي وارتاحي..

-  لا أشتهي!

-  أنا سآكل ، لا أستطيع الإنتظار بعد الرابعة.

 رأسي يدور بالرغم من أقراص الأسبرين..لم يفعل بي هذا ؟ أليمتحن أعصابي وليقول لي ها أنذا بكل ما تأخذينه علي من عيوب، لا تستطيعين أن تفرقي بيني وبين ابنتي؟

عادوا عند المغرب.. أخبرني أنه أخذهما إلى مطعم ثم دار بهما في شارع الحمراء، وأن المتاجر فتحت أبوابها والناس متيقنون من انتهاء الحصار وانسحاب إسرائيل واستتباب السلام في لبنان وشيكا.بعد أن أوصلهما عاد ليحمل مشترياته للطفلين ثيابا صوفية للشتاء القادم وأحذية ولعبا لنورا وجهاد وناولني نسخة للصور التي التقطها للصغيرين بنفسه، ونسخة عند مصورفي الجوار، ونسخة عن صور رحلته إلى الجنوب. وانصرف لوداع ريمون وزوجته.

قال جهاد لنورا فجأة وهو يركب الطائرة التي اشتراها له "نيالك يانورا، أبوك عندك وأمك عندك. وأنا ماما بعيدة وأبي بعيد وأخي وسيم بعيد.. اشتقت لهم كتير.. قديش كان أخي وسيم فرح بهاللعبة!" قلت له:

-  بكره عطلة بدي آخذك أنت ونورا إلى البحر.. راح أنزل وأشتري لكل واحد مايو جديد..

فرح الصغيران وهتفت نورا "وكمان دولاب متل البطة وفرشة دلفين لجهاد..

-  ما بدنا دولاب ولا فرشة أنا بسبح وحدي، شوفي بكرة تانت نبيلة كيف بسبح مليح، وبعلم نورا السباحة كمان!

*   *   *