نائب الريف

 

-  كانوا يسمون قريتنا قرية النبي يونس.. أما اليوم فإن أهلها يقولون عن أنفسهم ضاحكين "علينا أن نسميها قرية الحوت، لأننا نحن الذين بلعنا الحوت!"

كانت أسماء تحدث والدها عما سمعته في بيت غانم فنصحها:

-  يابنتي، إبتعدي عن قصصهم ومشاكلهم، إن كنت تريدين المزيد منها فاذهبي إلى بيروت، واسألي المحامية نبيلة عباد عنهم ولا تحدثي أحدا في القرية عما سمعت فتقعين في مشاكل أنت في غنى عنها.. إن غانم يريد أن يرشح نفسه عن ريف بيروت ، ولا يغفر أبدا لمن يفضح أسراره وخصوصا أنت، أفهمت الآن سر هذه النظرة الغريبة التي رنق بها عينيه لتحتويك؟ يريد استمالتك إلى صفه لأنه يعرفني ويخشاني، ويخشى أن أؤثر بك.. يبدؤك بحديث كله وعود ليرشوك، حتى حديثه معك انقلب من القروية إلى لهجة إبن المدينة.. ألم تلاحظي الفرق بين تهذيبه معك وبين حديثه مع زوجته حين يخلو بها؟.

-  سألتحق بمشفى في بيروت على الأرجح.. إنني أنتظر فقط الرد على طلبي.

-  اليوم شاهدت واحدا من أصدقائي القدامى، كان محاسبا في بيروت وعلمت منه أنه عين حديثا مديرا إداريا لمشفى صغير كان تابعا فيما مضى للفلسطينيين قبل رحيلهم، وقال لي بأنه سمع عنك من عائلته التي تثق بي وأسعف أفرادها في غيابه عن القرية دون مقابل ، فإذا أحببت أن تعملي في المشفى وتزدادي خبرة، يكون سعيدا أن تلتحقي بأطباء المشفى الجدد ومعظمهم ممن درس في الخارج .. إن إقامتك تكون في المشفى وتأتين هنا في إجازتك الأسبوعية.

-  يزعجني العمل في مشفى في بيروت الغربية بسبب الحاجز عند محور المتحف وساحة سباق الخيل الذي يقسم المدينة إلى شطرين، ولكن لا بأس بهذا أفضل من أن أبقى في القرية، وأكون بذلك قريبة لألاحق طلبي في مكان أفضل..

-  حسنا، سأخبره أنك قبلت بعرضه..

-  لا أريد أن أعمل بعقد ألتزم به حتى أكون حرة في التغيير لو وجدت فرصة أفضل..

*   *   *