سطور قليلة عني

yusra_alayoubi@albizri.com

مجموعة شعرية مختارة

يسرى الأيوبي

فهرس أعمال يسرى

الصفحة الرئيسية


 

خارطة الطريق المستقيم

العولمة

الغوريلا

لماذا يا نبوخذنصر

إغتصاب أميتيس

أعطني يوما آخر

الراجمون بالغيب

المحــرر

غضب الصخرة

الصنم النحاسي

دمية الثلج

وليد الزمن الآتي

جنود ومحررون

علم القرصان

تجار تدمر

روح العصر

سعادة المرأة

مختارات من شعر فيكتور هيغو


 

أشعار الربيع العربي


 

 

 

 

اليوم عيد

أمسح الحزن عن قلوب الصابرين
وأهنئكم فاليوم عيد
أمل لقلوب أضناها الانتظار
تكتب كل يوم فصلاً
في ملحمة الانتصار


بلد الياسمين والورود
أجمل مما كان سوف يعود
أرض الميعاد والخلود
أرض الرسالات الكبرى في الوجود
سوف تبعث من جديد
وتنحسر عنها جبال القهر من جليد
وتبني عالماً حراً سعيد
عالم تكافل وتعاون وعقل رشيد


سيأتيها المدد من عزيمة أهلها،
ثابتون على الحق ثبات النسور
ويدعمها كل ضمير حي في عالم الجور
وتبارك السماء حقها المهدور
فعقارب الساعة أبداً إلى الوراء لن تدور!

يسرى الأيوبي
بورتسموث، 28 يوليو 2014


الشهباء

على الهضبة الشمالية
تربعت الشهباء
تفرد جدائلها
وتمشط خصلاً بيضاء
تطوي السنين من عمرها
ألفاً إثر ألفٍ وما زالت
شمس الحضارة صبية
في الأصباح ما فتئت
تتألق في أفق السماء
كلما مسها الدهر بعادية
ازدادت ألقاً وشموخاً وإباء
شقيقاتها اللواتي يوماً
عالمنا حكمنَ
ملكات المدن
هرمنَ وقضينَ
وبقيت وحدها هي
خالدة تتحدى الفناء

تتشابك طرقها وتعرّش
صعداً نحو قلعتها الغرّاء
وفي الحي العتيق
درب حجري يضيق ويضيق
كلما تقدّمتُ خطوة
يزداد أنساً وألفة
كممر في منزلي
ومن نافذة المشربية
يبتسم وجه صديق
وفي سوق النساء
تاجر حلو الكلام
يمازحني بمودة
ويدعوني للشراء

منذ حط فيك الخليل رحاله
أيتها المدينة
حطّمت أصنامَكِ
وقوّضت عروش ظلّامِكِ
وبنيت محراباً لإخاء الإنسانية 
صرت مشرعة الأبواب
لمن يطلب السلام والحرية
كل لاجئ تؤوينه
عهد أمان تعطينه
فازدهرت أيما ازدهار
وطار صيتك بين الأقطار
حلب المدينة العصماء
حارسة العدل والقوافل
درة مدن الشام أسموك

شلمانصّر وقورش
الإسكندر وبومباي
انحسروا عنك كما تنحسر الأمواج عن صخرة
فأنت لم تولدي ليحكمك الرجال
بل لتحكميهم
أما هولاكو فقد خرج منك مدحوراً مذلولا
فما بال الأقزام المشوهين
الذين نقضوا كل العهود
هدموا الجامع الكبير
أحرقوا الأسواق
قنصوا الآمنين
قتلوا الأطفال والنساء

نفثوا الحقد من الأرض والسماء
لكنهم ارتدوا خائبين
فمذ قرر أبناؤك أن يحكموا أقدارهم
صرت عصية على الغاصبين

ستلملمين أنقاضَكِ
مِزَق الأجساد والأشلاء
وشظايا النفوس المكسورة
ومن هذه الفسيفساء
ستصنعين اللوحة المتكاملة
طريق الحرير سيبعث من جديد
ويدمر طرق العبودية
لحراسة القوافل ستعودين
وستأتيك مدن الطغيان صاغرة
فتحررينها وعنها تعفين
أما براميل الموت فستنفجر
في وجوه المسوخ التي ترميها
ووجوه المحرضين
في صمتهم المشبوه وكل الشامتين

يسرى الأيوبي
بيروت في التاسع من يناير 2014


حمام السلام

 

لماذا تهربين  يا حمائم السلام

من ساحات المساجد والكنائس والمقام؟

هل استفزّك الغربان حتى العظام؟

يولمون على لحم طريّ بين الركام

لأطفال اغتالتهم وهم نيام

طائرات الحقد الأثيم والانتقام!

تقودها عصابة عبدت طويلاً كل الأصنام

لم تقدّم للحياة والحضارة

حتى نثارة

بل كرّست نفسها لتدمير كل منارة!

ألم يحن للمسيح أن يقوم ويقهر الظلام

 في بلد الأمجاد والحضارات من سالف الأزمان

بلد النور والتسامح،

بلد الياسمين والجوري والريحان؟

 

يسرى الأيوبي

24 ديسمبر 2013


طفلة من الرستن

إلى آمنة سليمان بحبوح التي قضت برداً بعمر سبعة أشهر: لتحي في قلوبنا إلى الأبد.

في الربيع ولدت الصغيرة

فرحة الأيام الضنينة

أملٌ  لنفوس فاقدينه

تُحي في القلب حنينه

لمستقبل أفضل.

ترضع الرحمة في حضن أمها،

سلام وأمان

يهدهدانها ويقصيان

عنف المقاتلينا.

إن أرادت شيئاً تبكي

فيهرع أحد محبيها

يلاعبها ويلاغيها

ثم عرفت أنها حين ترفع ذراعيها

 يحملها، فتهتز بفرح وتكاغي.

 

 في حلبات المجالدين

في زمن الرومان المعاصرين

ولدت.

أحفاد الرومان في ساحات الصراعِ

ليسوا كأجدادهم صخابين

فهم أصحاب حضارة عقلانية

ببرود يجلسون

يحدقون صامتين

وقد فغرت منهم عيون

كعيون الأفاعي

دون جفون

تقطر سمّاً وتنضح شماتة ووحشية

لكنهم أكثر من أجدادهم متطلبون

المزيد والمزيد يريدونَ ولا يكتفون

ومن عدّ ضحاياهم لا يملّون.

 

عن هموم العالم كانت بعيدة

بأمها تلوذ آمنة

على صدرها مطمئنة سعيدة

منزلها البسيط جنتها

فيه يتردد بكاؤها وضحكتها

لكن الوحش كان لها بالمرصاد يترقبها

وبعينين شتائيتين حالكتين يتعقبها

كمن لها

وفي غفلة سعى إليها وجندلها.

وفي المدرجات هدر المتفرجون

وقد فارقهم الهدوء، اهتياجاً يمورون

أسقطوا أقنعتهم دفعة واحدة

فبانت أوجه الظلام

خفضوا الإبهام

يريدون أن يصعّدوا المتعة الدنية

والوحش في الحلبة أصابه السعار

يصرع الكبار والصغار

أحفاد الرومان يصرخون بهمجية

يجللهم العار

لم تعد تعنيهم الحضارة

لم تعد تعنيهم المدنية

سكروا بمرأى الدماء

كما فعل أجدادهم في المسارح

سادة العبودية.

 

 تبكي بوهن

وقد أعياها برد وجوع

لكن الجسد الصغير ما زال يقاوم

محاولة أخيرة

ابنة الأشهر السبعة

بذلت جهداً كبيرا

هو أقصى ما تجيد:

رفعت ذراعيها مستجيرة!

أماه أنقذيني

أماه احمليني

ومن ثديك الحاني

لبناً دافئاً أرضعيني.

وتسللت أمها منها بعيداً بعيدا

وتجمدت الذراعان الصغيرتان

في رجاء مرفوعتين

ومن العينين الجميلتين

تسلل بريقهما

ذبلتا وبقي فيهما حزن وانكسار

بل مرارة وغضب

إدانة وعتاب

وسؤال بقي دون جواب

ماتت الصغيرة.


اسطنبول، 13 ديسمبر 2013


لا للطائفية

 

يجري دمعها الهتون

وتذوي مني العيون

على أطفال تساقطوا كالنجوم

في ليلة أبدية

تغتالها يد مجنون

يحمل أحقاد عصور قصية

كان فيها ضحية شقية

 

كره ليس له قرار

إحساس بالدونية

يسعّر الوحشية

ونفس مريضة يجللها العار

تهجس بالانتقام من كل أم أموية

حتى لاتترك لنسلها بقية

أي دين تحمله هذه العصبية؟

واللهِ لايرضى به علي

ولاذريته الحسينية

ولا ضمائر العالم النقية!

الله في عليائه يرتجف

من وثنية همجية

من جهل، من عماء

لا يحملان إلا الشقاء للإنسانية

 

إفراز عالم حكمه الطغيان

عبد شهواته وداس على الإنسان

دعم الشر ونشر الفوضى والدمار

وعمي عن حقيقة أزلية:

إن العصور تتغير

والنصر لا محالة

لإرادة الشعوب وحقها في الاختيار

في التقدم والتكافل والازدهار

ولن يكون أبداً للأسلحة النووية

بل للعدل والسلام والحرية

لكل البشرية

 

يسرى الأيوبي

إسطنبول، 30 نوفمبر 2013


الاغتراب

 

حين الزمان أنشب مخالبه

في عينيّ آثرت اغترابا

لهول ما شاهدت من خطوب  

وغدر من كانوا صحابا

تمنّيت لو متّ قبل هذا

والتحفتني السماء، واعتطفتني بروجها

قبل أن ترى عيناي أرض الشام وقد بدّلت تبديلا

كم كان حلمي غاليا، لا أريد له بديلا

بمجد وطني حرّا أبيّا يأخذ دوره في الحياة الأصيلا

فإذا به شريعة الغاب تغلبه فيتّخذ نحوها الدليلا

يحول إلى عصر الأسياد والعبيد يبغي الأفولا

التاريخ لا يعود القهقرى مهما الغباء شاء أن يصولا

ولو ساندته قوى الطغيان في العالم لا بدّ أن يزولا

سيرتوي وطني الحرّ من عينين نضّاحتين السلسبيلا

في وئام، وتكافل، وعدالة، وسلام، وينجز المستحيلا!


قاسيون

 

أصغي بقلب واجف إلى راجمات الصخور

وأناملي تحصيها عدّا في كتاب النشور

كم روح صعدت إلى السماء في حلم التحرير

كم أسرة نزحت من حتفها إلى ملاجئ العبور

لتصطادها الغربان والصقور

قاسيون يا جبلا أشمّ مدى الدهور

كم سجدت على ذراك ملائكة السماء في النور

كنت ذات يوم ملجأ للعصافير والنسور

هل أصبحت بعد الطوفان حفّار قبور؟


مؤتمر الطيور

 

كهدهد بار أحمل نعش حيرام على رأسي

وأنقل في مؤتمر الطيور بلقيس مع الكرسي

فوق صرح يجري تحته نهر رجس

يقودها جنّ سليمان إلى الرمس

من يعيد الحياة ثانية إلى جثّة بعد طول الدعس؟

تضافرت على موتها شياطين الأرض الخرس

أين أنتم يا هواة الشقاق في الليالي الغلس؟

زقزقة الطيور والجوارح تنتف جلدها

والأرض مفروشة بالريش المزخرف والنحس

كلّ يغنّي على ليلاه، وروح حيرام تئن في فجرها وتمسي!


أحياء في عالم الأموات

اليوم خلعتم عنكم أكفانكم
فلبسناها
وقرأتم الفاتحة على أرواحنا
وواريتمونا الثرى ثم مضيتم
غير لائمين ولا غاضبين
تأسيتم علينا وغفرتم لنا
وطلبتم الرحمة لنا
كما يفعل الناس عند الوداع الأخير

أيها الأحياء في عالم الأمواتِ
طوبى لكم
لا يدخل الجنّة الصامتون
الذين أشاحوا بوجوههم
عن دمائكم
وجاهدوا لنسيانكم
أيها الأحياء في عالم الأمواتِ
طوبى لكم
اليوم تلاشت كل الأصواتِ
وساد نبض قلوبكم

أردتم أن تعكسوا الوقت
في ساعة احتضارنا
لكن الوقت غلبكم
واختطفنا منكم
حلمتم لنا بمدن أجمل
فيها نحيا
ورحاب أوسع
تشرق الشمس فيها كل صباح
لكننا كنا أضعف من حلمكم
فاستسلمنا لقدرنا
ومضيتم عنا
غير لائمين ولا غاضبين
رثيتم لنا وغفرتم لنا
كما يفعل الناس عند الوداع الأخير

يسرى الأيوبي
دمشق في الثامن من أيار 2013


البيضاء

هل في قلوبنا ستظلينَ
يا بيضاء كحمامة ذبيحة ترفرفينَ؟
أم أنك بركان غضبٍ ستفجرينَ
فيقتلع الهمجيةْ؟

تعبت منا المراثي وجفت مآقينا
فإلى متى سنبكي قتلانا؟
أما آن لنا أما آنَ 
أن ندفن من سقط منا
ونسكنهم في قلوبنا ونحي ذكراهم
ثم نمضي في حياتنا اليوميةْ؟ 
اشتاقت إلينا بيوتنا المهدومةُ
ودفء مجالسنا في أيام الشتاء الرماديةْ
وفنجان قهوتنا عند الصباحِ
وأحاديثنا العاديةْ

في كل مرة نعاهد أنفسنا:
ستكون هذه المرة الأخيرةْ
ثم نعيد عهودنا مرةً ثم مرةً
فمراتٍ كثيرةْ
أيادٍ سوداء تتخطفنا
ونفوس سوداء تحاصرنا
من حولنا ومن داخلنا
وتغلّ أيدينا
فهل كتب علينا
أن نودع الحياة دون كرامةٍ 
أطفالاً، شيوخاً و في ميعة الصبا
في حفرةٍ موحلةٍ
أو تحت أنقاضٍ
أو في زنزانةٍ عفنةٍ
مذبوحين أو مشوهينَ؟

ننتظر رحمة لن تأتي
ممن باعوا ظلالهم عند الظهيرةْ
يبتسمون في برودٍ معزّينَ
وفي العيون شماتةْ
وقد وقّعوا في الظلام مع القاتل اتفاقا
ثم شهروا في وجوهنا صليب العبوديةْ
فانطلقي يا بيضاء من قلوبنا
وحلقي في سماء الحريةْ
أنزلينا من على الصليبِ
واخلعي عن رؤوسنا تاج الشوكِ
وامسحي الدماء عن جباهنا
وأكدي لنا بأننا
إذا قمنا
لن نخسر إلا قيودنا
وستسمع صدى صوتنا
أجيالٌ حتى الأبدية

يسرى الأيوبي
دمشق في الرابع من أيار 2013


Top of Form

Bottom of Form

الأرض الموعودة


عند الفجر لاحت في الأفق
تباشير الأرض الموعودة
أرض أحلامنا
وغاية درب آلامنا

لقد وضعنا عنا صليبنا
وتكسرت سلاسل قيودنا
وتراكضت إليك كل الطرق
عندما رأيناك في الأفق
يا أرضنا الموعودة
تتلألئين في ساعة المشرق
وتحيين قلوبنا المكدودة
أجمل من أجمح خيالنا أنت
وأكثر حكمة من أمانينا

الناس يسيرون الهوينا ويبتسمون
لا خوف لا حزن لا ترقب لا انتظار
في أرضنا الموعودة
لا ظلم لا عدوان
لا حقد لا انتقام
سلام على الأرض وفي النفوس السلام
في أرضنا الموعودة

أحلام عمرنا الضائعة
كانت بانتظارنا هناك
أحبابنا الذين قتلوا
أطفالنا الذين لم يمهلوا ليكبروا
وقفوا لاستقبالنا هناك
في أرضنا الموعودة

غادرنا حاضرنا
وفي لحظة تعانق مستقبلنا وماضينا
في أرضنا الموعودة

أشكر الله أني عشت
حتى اليوم الذي فيه رأيت
الأرض الموعودة

يسرى الأيوبي

دمشق 5 نيسان 2013

 

شاهد على اليوتيوب  مع موسيقى مرافقة على الرابط التالي

https://www.youtube.com/watch?v=unuw29fAExA


(بمناسبة الذكرى الثانية لانتصار ثورة الشعب المصري)

أهنئكم

 

تمنيت لو كنت معكم أهنئكم

آكل من تمركم، وأشرب من ماء نيلكم

يا من وهبتم للحرّية دماءكم

رسالات السماء نبتت من أرضكم

" اذهب إلى فرعون إنه طغى" رسالتكم

لن تناموا على الظلم هو مبدؤكم

وأقدس ما في الحياة حرّيتكم

العزّة كانت تخفق في قلوبكم 

تحديتم القهر بصدوركم

يا شباب مصر ويا شعبها الأبي أهنئكم

حين شاركت أحزابها وطوائفها ثورتكم

في جنة الخلد شهداؤكم 

شعب يريد الحياة والله لم يخذلكم

لتبنوا عالما جديدا عادلا في انتصاركم

 

يسرى الأيوبي

في  11 فبراير شباط 2011


إرادة منتصرة

 

حين الطغاة يغزون شعوبهم

بالرعب، بالعنف، بالإذلال

براجمات الصواريخ تدكّ بيوتهم

تهجّر من بقي حيّا عبر الأصقاع

في كلّ المواسم: من الصيف إلى الشتاء

الجماهير تنتفض، تصرخ عاليا في استياء

تدافع عن حقها المهدور في إباء

شجاعة، صابرة، متماسكة في البأساء

تنتصر إرادتها الحرّة إلى العلياء

رمز الشجاعة، نبل الأخلاق والعطاء

دماء غالية زكيّة تبذلها، هي دماء الفداء

يصغي لشكواها إله ملائكة السماء

يمدّها بجند من عنده في حالكات الظلماء

لا تدعوا الشقاق يعبر رباطها البنّاء

تآلفكم في الحقّ يعوّض آلامها والعناء

وما نزفت من دماء الأبرياء والشرفاء!


روح سوريا الأبيّة

 

اصعدي يا روح سوريا إلى العلاء

وخاطبي ربّ السماء

"ماذا فعلت من الآثام حتى تبتليني

بأقسى ما لديك من بلاء؟"

أرض الحضارات الأولى والرسالات والأنبياء

تسعّر في جحيم الانقسام والشهوة العمياء

في كلّ يوم مدينة تقصف من الفضاء

بطائرات الحقد والجريمة النكراء

حين صحا شعبها من غيبته الشنعاء

 مطالبا بحياة كريمة معطاء

قالوا أعداؤنا كل إنسان حرّ سعيد

يقتلهم حسدنا، هم السم الفريد

نتبادل موتنا، هم يموتون

ونحن نبعث من جديد.

ننزع عن دمشق التاج والعطر

نشرد أهلها ونجعلهم لنا عبيد.

 أبطال نفضوا عنهم خوف الموت والشقاء

ما استكانوا "سنقاوم ونمنع لعبة الشيطان حتى

يطرد الفجر الظلام، ويزول ظلم الأشقياء."


زلزال الزمان

 

لا تسمح بكسر قلمي أيها الزلزال

فهو شفة رسول

ضمير أمة صادق فيما يقول

كطائر جريح، بلبل

يشدو ألما في الحقول

يترنح لا خوف الموت

فالحياة توهب لمن يصول

يتصدّى لغيوم السماء

بروقها، رعودها، زوابعها

لأمّة عرفت المجد طويلا

يزول القمر ولا تزول

لا تسمح يا إلهي لشيطان الحقد

أن يركعها لليأس والأفول

يسقي ثراها رذاذا من الدماء

ويذيق شعبها الويل والثبور

كم برعم هوى تحت الركام

لو عاش كان فخرا لأمته

فأصبح جاثما في القبور

لا تكسري فيها حلم الزمن الآتي

يا زوابع الزمن الهصور

 

أمومة تثكل، وأيتام تقهر

وعذارى بعمر الورود

لعقارب الغابات تنذر

تنهش عفّتها ومنها تسخر

لا تسمح يا إلهي للحق أن ينحني

وللظلم والكيد أن ينتصر

أستجدي ملائكة السماء من قلب

كشعاع الشمس يأبى أن ينكسر


هرم الحضارة

 

انقلب هرم الحضارة عاليا أسفل

وطيور الفجر عن أعشاشها ترحل

وانكدرت النجوم حزنا

على الموءودة حين تُسأل

بأي ذنب تقتل

والعالم سادرا في لذاته

مراوغا، بخلاص الشعوب لا يحفل

أفجّرت بحار، أزلزلت جبال لا يجهل

وتمخّض كائن عملاق لا يُمهل

ذو وعي واستماتة لعالم أفضل

ما عاد للمهانة والذّل يقبل

شهداؤه في مهرجان يصعدون

مناكب الخلد ولا يحفل

يُواصل رسالتهم بعزيمة أفضل

هل ثم شك في انتصاره

وهل السماء تتخلّى عنه ولا تحفل؟


رؤيا

 

في غرفتي المعتمة هواء ثقيل

وفي الخارج أزيز رصاص

ومدفع من قاسيون يقصف برتابة

لقد قطعوا الكهرباء، للمرة العاشرة، منذ قليل

والقلب تعصره الكآبة

لعل الساعة يُدكّ بيت آخر

في داريا أو الميدان أو القدم

لعله مشفى أو جامع آخر

في المعضميّة أو المخيم

لعل الساعة يُقتل طفل آخر

امرأة أخرى

شاب ثائر، أو شيخ عليل

 

في غرفتي المعتمة عيون تحدّق بي

مدورة لزجة، عيون سمكيّة

تحدّق ببرود، تحدّق بموضوعية

مسوخ مشوهة تكمن في الزوايا الخفيّة

قد نصّبت نفسها مدافعة عن الإنسانية

تتسقط اللحظة المناسبة

لتساوي بين الجلاد والضحية

طفلة بسكين تطعن، امرأة تغتصبْ

منشد تُنهش حنجرته، جريح يختطف ويعذبْ

طبيبه يعدم

ناشط على الإنترنت يشوَّه

صحفية تُقنص

لاجئون يُقصفون

طوابير الخبز تمحى

أحياء تدمّر على رؤوس قاطنيها

مسائل عادية

فالموت قدّره الله على هذه البرية

فاتورة القتل تصعد كل يوم

زومبي مخضبة الأظافر

تدوس على الأشلاء وتجري مع امرأة تحتضر

مقابلة حصريّة

عسكر يلتقطون قرب قتلاهم

صوراً تذكارية

عناكب ضخمة تنسج شباكها

وتقبع في العتمة ساكنة تنتظر

وفي مناطق الظلال الرمادية

ضحكات مكتومة ولغط كريه قذر

وتسويات مشبوهة تعقد خلف الباب الموارب

العين يجفاها النوم والصدر يضيق

وضوء برتقالي تسلل من الزقاق العتيق

على الجدران يتأرجح

ترقب وانتظار

 

عندما توقفت الساعات فجأة

وتطاولت اللحظة الراهنة حتى لامست الأبدية

اقتحم غرفتي أولئك الذين بالأمس غادرونا

ومافتئوا يعاودونا بإصرار

أبناء وبنات سورية الأبرار

كما يقتحم العشق قلباً متلهفاً

أمضّه الشوق وطول انكسار

نور ساطع من النافذة أخذ يتدفق

ثم يجتاح غرفتي كإعصار

فيخرّب أعشاش العناكب

ويطرد المخلوقات الظلامية

فتفرّ لا تلوي على شيئ

فإذا بها في الضوء أقزام دنيّة

وفي الخارج تجمهر الناس

فملؤوا كل الساحات وكل الطرقات

أندفعُ إلى الشرفة لأرى بعينيَّ

نساء، رجال، وعلى الأكتاف أطفال صغار

شباب، شيوخ، أناس من كل الأعمار

أتوا من كل حيّ وكل مدينة

ينبضون حياة وفي العيون عزيمة

وفي القلوب عزيمة

أردت أن أعانقهم، أردت أن أهتف بأسمائهم

أردت أن أبكي بدمع مدرار

فقالوا لي: غدا ً سنحزن على ضحايانا

ونرثي بيوتنا المدمرة والمنهوبة

أما اليوم فنحن قررنا الانتصار

نحن قررنا الانتصار


يا بلد الياسمين والورود

 

أجمل مما كنت سوف تعود

يا بلد الياسمين والورود

من الحرائق والرماد سوف تبعث من جديد

وسننسى أحزاننا

وهذه الساعات التي تثقل قلوبنا

بحزن أصم ثقيل

كجبال من جليد

 

ستنقضي أعوام طوال من القهر

هكذا بلحظة

كأنها لم تدخل تاريخنا البتة

ويعود الفرح ليسكننا

سيدق شهداؤنا أبوابنا ويدخلون

فنعانقهم بشوق وفينا يحيون

وأحبابنا المغيبون في السجون

سيخرجون

وتشفى ندوب الجلادين من أجسادهم

ومن نفوسهم

وأطفالنا المذبوحون من الحناجر والوريد

سوف يعودون

ليلعبوا إلى الأبد في الأفنية الخلفية

وتملأ ضحكاتهم كل الوجود

 

أما أنتم أيها الصامتون في ساعة موتنا

خوفاً أو شماتة

فسوف نسامحكم

ونمد لكم يد الصداقة

وندعوكم لبناء وطن جديد

يتسع لكل أبنائه


مرثية أطفال الزيتون

 

في كل يوم جريمةٌ جديدةْ

في كل يوم دمٌ جديدْ

أيها الغارقون في حقدكمْ

آن أوان رحيلكمْ

فالأرض تريد أن تتطهر من رجسكمْ

الأرض تريد أن تتطهر من رجسكمْ

 

تخرس الكلمات وتذوي القصيدةْ

ويثقل القلب كالحديدْ

فكيف مرةً أخرى نعيدهْ

سماحاً تئدونه فجر عيدْ

أيها السادرون في ظلامكمْ

شمسنا آذنت بمغيبكمْ

حتى لا نخسر أرواحنا بكرهكمْ

حتى لا نخسر أرواحنا بكرهكمْ

 

تدور السنين ويبقى الجرح نازفا

المدينة تتشح بالسوادْ

المدينة تتشح بالسوادْ

شوارع مهجورةٌ، مئذنة مدمرةٌ

جثث أطفالٍ، لوعة وحدادْ

دماء الأرض تلعنكمْ

أرواح ضحاياكم تطلبكمْ

أيها العابثون بقدركمْ

أما من عاقلِ يحذركمْ

تدور السنين ويبقى الغضب جارفا

 

المدينة تخلع السوادْ

تزغرد النساء في عرس الشهيدْ

أهازيجُ، قرع طبولٍ

محفاتٌ بأغصان الزيتون مجللةٌ

تشق الحشود، على الأكتاف محمّلةٌ

فيها شابٌ، رجلٌ، امرأةٌ

شيخٌ جليلٌ وطفلٌ وليدْ

 

في كروم الزيتونِ يتردد الصدى هاتفا

يموت الناس ومافتئ الزيتون واقفا


أحبّتي 

 

أحبّتي الذين فقدتهم يزورونني في الأحلام

ذكراهم يملأ فؤادي بخالد السلام

أسمع قرقرة  ضحكاتهم حين أنام

أستلهم الحكمة منهم، ميراثي من الأرحام

أتقمّص أرواحهم لأحارب الظلاّم

 

أحبّتي الذين يحيون في قارّات أربع

أبعث إليهم برسائل الحنين أقبّلهم ولا أشبع

تدور أمامي صورهم وأشير إليهم بالإصبع

أشعر بالثكل وهم أحياء،

أعيش ببعدهم في صحراء مجدبة بلقع

يزورونني حينا فأنتشي بهم، ولله بالشكر أركع

 

أعيش اليوم حياة جوفاء كلّها خيال وأوهام

لا تواصل فيها إلاّ بالحديث ومقتضب الكلام

أين أنا من زمن كان ومائدة تجمعنا، كلّها حوار وأنغام

أحاديث جادّة شيّقة، وأماني عذبة باتت اليوم أضغاث أحلام

نشتهي اللقاء معا في وطننا الحبيب مع الأحباب والخلاّن

فلا يسعفنا لذلك الزمان ولا المكان!

 

أحبّتي الذين يجمعني بهم حبّ الوطن المقهور

نفوس مجنّحة باسلة تبغي حريّة وترفض الجور

تدفع الثمن غاليا من دمها المهدور الطهور

من كلّ طائفة وقومية ولون ومكان للإنسان معمور

هم أسرتي الكبرى وإن كان بيني وبينهم بحور

يعرفونني دون أن أراهم إلاّ من بين السطور

أقدّس نضالهم، أبكي لشهدائهم، أتوجّع لسجنائهم

أدعمهم بقلم صادق ثابت جسور

هم أملي في غد رائع مشعّ منصور

غد للتعارف والعدالة والتكافل ورحمة الدستور

أنا منه قطرة في بحر غضب هادر

بات يرفض إلى الأبد التمييز والظلم والجور!  

 


 حمص الشهيدة

 

حمص يا مربض الميامين والأبطالْ

يا بلد الخالد بن الوليدْ

على كاهليك حملت الأثقالْ

دفاعاً عن وطن حرّ عادل سعيدْ

بأفدح الأثمان ضحّيتِ

بالأطفال بالنساء بالرجالْ

تقاومين الأسنة بالحجارة والتغريدْ

وقد أثخنك بالجراح مرتزقة أنذالْ

رموا شبابك، في ربيع العمر بالنصالْ

ذبحوا روّادك من الحناجر والوريدْ

شمّاء تتحدّين موتاً لا يُنالْ

تستبسلين في وجه النار والحديدْ

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر

هدير يرعد في السهول وفي الجبالْ

نور القمر شاهد على زحفك المغوارْ

وصلاتك الحميمة للخالق الجبارْ

تهون عليك الحياة ضيماً ومذلهْ

 وعيٌ وصحوة، مآثرك الجمّهْ

تبقى مُمجّدة من الأجيالْ

 

الخزي والعار لمن يثيرون

ضغائن نسيها الزمان ولا يخجلونْ

ليثبتوا حقوقاً جامدة ولّى زمانها

الخزي والعار لمن لا يميّزون

سيف الجائر من راية الثائر

أيهما ينصرونْ

زوال حظوظهم يرهبونْ

لنزيف الشعوب  يصمتونْ

لثروات الطغيان يشاركونْ

 

قدَر لُكم يا أحرارْ

أن ترفعوا رأس الأمّهْ

تكلّلونه بالغارْ

تطوّقون بأحلى نشيدْ

أروع جيدْ

تتهاوى عروش الطغيان

ويبقى ذكركم في الدنيا

يوم عيدْ

 

يسرى الأيوبي

دمشق، 26 كانون الأول 2011

 


 الشيطان الصامت

 

رجال الصدق، عشّاق الحياة

قد حاروا في معرفة هويّتكم

ما لون جلدكم، والمصقول من وجوهكم

تدّعون النزاهة، أسياد النضال

ورائعة الأحلام ترمونها بالنصال

 

رجال الصدق لا يرون في مراوغتكم

أصحاب مبادئ تضحون من أجلها

بل فضّلوا لعبة الشيطان معها

 

إرادة معجزة صنعت لكم نسبا نبيلا

وأنتم مع المغامرين فضلتم ميلا ذليلا

لعبتم بأوراق مزيّفة وغششتم

وإلى سمعتكم النقية طالما أسأتم

 

تفسّرون الأحداث العمياء

كأنها حتميّة بغير استثناء

تشخّصون الأمراض القاتلة

كأنها ظواهر في حالة النماء

تغفلون إرادة الشعوب في انتفاضتها

وإرادة الشعوب، إرادة الله في الارتقاء

 

لا تميّزون العدوّ من الصديق

تغطّون المجرمين، على المنابر تهلّلون لهم بالتصفيق

أعجب إن كنتم روّاد فجر مهيب

أو نذر عالم مهزوم يغيب

إن المظلوم شاء

إن يأخذ من ظالمه حقّه الأريب

يكون الموت من نصيبه

والفوضى من شمائله

يعاقب كأنه مجرم رهيب!

 

السلم لا يبنى على صخر ظالم

والحقّ لا يداس بقدم الغانم

التغيير قادم، وليس الشعب بنائم!

 


 الإرث الثقيل

 

حين أحلّق في فضاء المستقبل أشعر

بظواهر وددت لو أخفيها عن العيون

فالصمت يسرّ إليّ بالنذر

تملأ شغاف قلبي بالشجون

عن تناقضات الحياة وأسرارها

أعرف أن عشّاق الحياة لن تستسيغها

 

أرى طغاة للعدل قد يذعنون

حين بالتغيير يُواجهون

وذوي الفضائل عن مبادئهم ينتكسون

أرى ورثة ثورات عدل مضت

مع الظالمين يتعاقدون

حرّية الشعوب لا يساندون

أعداء ألدّاء للأحرار

بقناع مراوغ وجوههم يخفون

خوفا على حظوظهم أن تنهار

سمعتهم، شرفهم، مبادئهم يبيعون

 

يسبقهم المغلوبون على أمرهم إلى نبع النور

يعون حقهم في حياة كريمة فيثورون

وحين من الظلاّم يقاومون

 في سبيل حرّيتهم يستشهدون

 

أرى في ذوي الإحسان شرّا كامنا

وفي شقاء المساكين خيرا كامنا

أرى ذوي الرحمة بغباء يستشرون

وذوي الشقاء برحمة يتصرّفون

أحدهم ينكمش ويفقد الحماس

حين يُواجه بالمصاعب ينكس الرأس

والآخر وقد بهره النور

ينفض عنه خوفه مطالبا بحقّه المهدور

يحارب، لا يستسلم للقهر

ويقطف ثمار جهده وسام النصر

 

ورثة الحق قد يفقدون السحر

هم غير مستعدّين على التغيير الحرّ

خطواتهم متردّدة، ظلاّمهم لا يُسقطون

بقدر ما لديهم من خير قليلا ما يسخطون

بينما البؤساء ليس لديهم ما يخسرون

لا يقيّدهم خير منه ينتفعون

يخترقون حاجز الزمن، لا يتوقفون

يُمسكون بزمام الأمور، إرادتهم يُملون

وقبل الآخرين قانونهم يختارون

 

يفرح الإنسان حين يرى الطغاة ينهارون

عن كاهلهم عبئ حكم مشئوم ينفضون

قبضتهم الشرسة عن الناس يكفّون

لألسنة الشعب المكبوت يسمحون

أن يغني على قيثاره الحنون

أغاني الحرّية والمجد بديلا للسجون

 

أشتهي أن أرى الدول القوية

مهدّدة بحروب ذرّية

لا تبقي على العالم بقيّة

تكفّ عن عبثها في مصائر الشعوب

تؤرّج الحروب البينية فيها، وتغرقها بالديون

تنهب ثرواتها، تدعم طغاتها بحكم مأفون

تجوع الشعوب عندما بغير حقّ يغتنون

وتزدهر الأمم بالتكافل بينها

عندما يسود عدل القانون!!!

 


 حروب الإخوة الأعداء

 

رفعتم أعلاما متبجّحة في الفضاء

عن حرّية، وفرة عيش، وحياة هناء

بينما الشعب في صفوف من الربيع إلى الشتاء

على شفا المجاعة يعانون

جيوبهم ملأى ولا يتمكّنون

من شراء صندوق عروس، كوخ، أو رداء

 

وضعتم السيف في مكان الندى

والندى في مكان السيف

وضحايا القرابة يدفنون

في مقابر لا شواهد لها

وأصحابها لا يُعرفون

أيّها الرجال من أقصى اليمين إلى اليسار

أيها  الرجال من مختلف الأديان والشيع

لا أحد منكم له على الآخر مزيّة

وأنتم تتبعون خطى شيطان بغير هويّة

وكلّكم بدل الوطن، يسعى إلى مصلحة ذاتيّة

تعمّقون الجرح بين السنّة والشيعيّة

تندفعون إلى حرب بدون رويّة

تغوصون في الوحل والدم بغير مسؤوليّة

 

حروب الإخوة الأعداء في هذا الزمان

لا تفيد إلا الظالمين، المستغلّين لكم بدون أثمان

تموّل بثروة بلادكم

ودماء أبنائكم

لإثراء جيوب المستكبرين

 

أعجب أين في هذا العالم موقفكم

تزحفون كالسلاحف، والآخرون يركضون

كالأرانب لامسها سوط الطراد

وأنتم في هذا السباق العجيب

تنام السلحفاة، ويصل الهدف الأرنب الأريب

عندما يُحتاج إليكم لا تتحرّكون

عندما لا يُحتاج إليكم تهرعون

تحرّككم بغير اختيار حرّ

أخشى لو طال نومكم

أن تستيقظوا على حدث مرّ

بل ما أخشاه أكثر

أن تمزّق إرادة همجيّة راياتكم

وتدوس أقدام الغزاة روّادكم

أصحاب الحق حذرا وخوفا منهم

لأنهم شهود أوفياء على جرائم العصر

 


 ينصر الميت على الحي

 

هناك من يحيون في اللحظة التي يموتون

من بحياتهم يضحون من أجل حرية الإنسان

ينتصر الميت على الحي من الظّلام

حتى بعد موته بألف عام

 


 صباح الخير يا حماة

 

صباح الخير يا حماة السَنيةْ

صباح الخير يا عروس المدائن البهيّةْ

تتمطينْ

وعن جسدك الدافئ تنفضينْ

أقزاماً مشوهينْ

قضوا الليلة جاهدينْ

يحيكون لك أغلال العبوديّةْ

 

صباح النور يا حرّة الحرائرْ

صباح النور يا نُوّارة المنائرْ

خمسون عاماً يا ابنة العاصي الأبيّةْ

فوق سهول سوريّا

بجبينك الناصع تشمخينْ

وتعلمين الناس معنى الفداء والحريّةْ

 

صباح الفل والياسمينْ

يا قرينة المجد الأبديةْ

جراحك تداوينْ

ومن جديد تنهضينْ

وتهزمين الهمجيةْ

وتشيدين للمدنيةْ

ألفَ ألفِ صرح متينْ

 

يسرى الأيوبي

دمشق 1 آب 2011

 


 مظاهرة نسائية

 

يتردّد في الجوّ صياح شرس رهيب

من أمهات، أخوات، عاشقات فقدن الحبيب

إرحل, إرحل, إرحل!

قبل أن تقترف الخطيئة الكبرى, إبادة شعب أريب

كلابك المفترسة لم تحترم

الوجوه النبيلة للأحرار من قومك

سحقت بأيدي الآثمين

متظاهرات,  ثابتات, عصيّات

يتحدّين في بنغازي قنابل الجوّ,

الشاحنات المسلّحة, مدافع الدبّابات

في مقابر التحرير شغوفات

أن يكنّ بين الشهيدات

لأجل رهان الحرّية المكنون في أرحامهن

يضحّين, يمتن سعيدات

 

بين جميع الطغاة العرب

جلاّد ليبيا, رحم السماء لم تنجب

مثله مجرما, جشعا, كريها يكذب

كيف أمكنه سحق شعبه النبيل الشجاع

نفوس أباة, ورثة المختار صنو السباع

العالم أجمع, جميع الشرفاء

 بأعين غاضبة تملّكها الاستياء

لا يجد عقوبة عادلة توازي

ما أنزل في شعبه من شقاء

تملّكه جنون السلطة الحمقاء

غير شاعر بآلام شعبه السوداء

تسانده قوى شيطانيّة تريد له البقاء

يتحدّى القوانين الإنسانيّة

عدوّا لدودا لمطالب شعبه الشرعيّة

سيأتي النصر قريبا فوق ركام عالمك

بُني على الفساد والظلم والعار

مهما طال فيه الزمن, لا محالة هو هالك!

 


 عدلُ السنين

 

هل من عدل السنينْ

أن تثخن بالجراح

يا وطني الحزينْ؟

يا وطن الحضارة والأبجدية

وأرض الغار والياسمينْ

تتوالى عليك النائبات

والعالم في صمته

سادر مستهينْ

 

هل من عدل السنينْ

أن يداس رجالك

بأحذية الحقد الدفينْ

يعذب أطفالك

يقتـّلوا ويشوّهوا

بأيدي الآثمينْ؟

 

هل من عدل السنينْ

أن يشرّد أبناؤك

في بلاد الأقربين والأبعدينْ

أن يسجن أحرارك وحرائرك

في أقبية الزنازينْ؟

 

هل من عدل السنينْ

أن تكتم أصوات روّادك

عن أسماع الملايينْ

وألا يصغي  لآهاتك

حتى ربّ العالمينْ؟

 

هل من عدل السنينْ

أن تغرق الحرية الخضراء

في بحر عبودية مهينْ

ويذوي النور الهوينا

في ظلام عميمْ؟

 

لا

ليس هذا من شيم السنينْ

 


 الطغاة أعداء السلام

 

عيون خضراء مليئة بالحسد

مراوغة تريد حكماً للأبد

نصف قرن شعوبها تستعبد

تسحق الحرّية فيها ويسود القهر

الجماهير منها تذوق مرّ الفقر

والحكام يصعدون من الكوخ إلى القصر

الشرف يصلب، والأخلاق تفقد

ومن يحتج نصيبه الجلد

وشعب طامح لاعتلاء مناكب الخلد

يرسف في أغلال العبوديّة والقهر

 

قلباً وروحاً بقوى الظلاّم شعوبها تكبّل

لصالحها في جرائم وحشية تسترسل

في بحر من دماء وخراب توغل

طالب الحرّية في حياة عزيزة تجندل

دروب التقدم عن الجماهير تقفل

للرواد السجن، والتنكيل رهينة المستقبل

 

فقدوا رشدهم لمجد يتزلزل

حين رأوا شعباً يستبسل

في ساحة الحرّية له المنزل

لا يرضى المذلة، ولا للظلم يهلل

نفض الخوف، والمراوغة لم تتبدّل

عنف يزيد، وشعب يقتل

ثورة عارمة لحقوق تغفل

 في عالم سادر يمهل 

 زمراً آثمة في غيّها تسترسل

لن تنال يوما ثقة شعب ذاق العلقم

يحرم من أمنه، من تقدّمه، من حرّيته

تبتزّ جهوده وإليك المغنم

حذار من وعيه، بالغضب مفعم

يزغرد لشهدائه، ومن في السجن يعدم

يختنق برغبة الانتقام ولا يتكلم

 

لقد فقد الخوف والأمل فاليوم يصرخ

يتردّد عاليا صوته من هضبة إلى أخرى:

" الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر!"

آن الأوان للطغاة أن ترحل

لعقود شعوبها تنحر!

ألدّاء للحق والسلام والمجد

ألدّاء للتقدم والازدهار

آن الأوان للشعب أن يتولّى أمره

لبناء عالم أفضل،

في ظلّه السّعد

 

 


 الطاغية

 

يا جاحد الحب الكبير يا كانز الذهبْ

يا قزماً تطاول في الفضاء وناطح السحبْ

يا جاهلاً أخضع بالقهر كبرياء النُخبْ

يا سالباً حق الأريبِ، بالزور مرتقياً في الرتبْ

يا ثاكل الأمّهاتِ، يا ميتّم الأطفالِ

 يا خاذل النسبْ

طوبى لشعبٍ صابرٍ بالجراح أثخنته

على مدّ الحقبْ

وأنت تعتلي بروج البطش والخيانة والنهبْ

قد استيقظ الآن من سباته

على لهيب من غضبْ

ليخلعك عن كاهله المثقل بالتعبْ

فلا تستهنْ بالشعب إن تملّكه الغضبْ

حذاري أن تزدريه فاليوم يستردّ منك حقّه المغتصبْ

امضِ لا تحمّله مزيداً من دّماءٍ وآلام ونصبْ

لن ينثني أبداً حتى ينال كلّ ما طلبْ

آن أوان رحيل الطغاة

وبناء عالم حرّ عادل مرتقبْ


© Copyright 2000-2014 Yusra Al Ayoubi